الإمام الذي يسقط الرؤساء… هل يمنع سقوط الدولة في الفوضى؟
--------
يبرز اسم "محمود ديكو" كخيار وسط يمكن أن ينقذ مالي من الفوضى.
فالرجل يحرك الشارع متى تحدث، فخطب مسجده في حي "بادالابوغو" أشعلت أولى موجات الاحتجاج في يونيو 2020، قبل أن تتوسع الحركة الشعبية وتُسقط "إبراهيم ببكر كيتا" يوم 18 أغسطس 2020.
وقد منح هذا الدور للرجل لقبا متداولا في باماكو هو "الإمام الذي يسقط الرؤساء".
ومع ذلك، لم يتحدث حتى اللحظة، مما يترك البلاد في حالة ترقب لصوته.
وتجعل ميزاته الشخصية منه خيارا انتقاليا مقبولا، وقابلا للتسويق في الأوساط المحلية والإقليمية والدولية:
1. أصوله البعيدة من الفلان تمنحه امتدادا اجتماعيا واسعا داخل إحدى أكبر المكونات السكانية في الوسط والشمال، وهو ما يجعله مقبولا لدى كثير من الفلان الذين يشكلون القوى الرئيسية في كتيبة "ماسينا"، بما يفتح له منفذا لدى جماعة الفلان في مالي
2. اقترابه من أزواد بميلاده في قرية لا تبعد سوى كيلومترات عن تومبكتو، مما يمنحه فهما عميقا لمعادلات النفوذ في الشمال.
3. ميله العقائدي إلى الاتجاه السلفي، رغم تقديمه في الجزائر – حيث يقيم في شكل منفى صامت – كوجه للطريقة القادرية، وهو ما يبرهن على قدرته على مخاطبة مدارس دينية متباعدة بل متناقضة.
4. حصوله على ثقة الأوساط المعتدلة في مالي، التي دعت السلطات إلى الاستعانة به في فتح قناة حل مع الجماعات الجهادية، تقديرا لقدرة الرجل على الجمع بين التأثير الروحي والرصيد الاجتماعي والسياسي.
والواقع الميداني المراوح مكانه في مالي، يقود لاستنتاج من هذا القبيل:
١. تتقدم كتيبة "ماسينا" إلى أبواب العاصمة خلال الأسابيع الماضية، ثم تتوقف فجأة عن تنفيذ أي عملية كبيرة، رغم قدرتها السابقة على اختراق أهم المواقع.
٢. فقد هاجمت قاعدة "كاتي"، مقر إقامة الرئيس، فجر 22 يوليو 2022 بعمليتين بسيارتين مفخختين، وأحدثت صدمة واسعة.
٣. ثم عاودت الهجوم داخل العاصمة يوم 17 سبتمبر 2024 عندما استهدفت مطار موديبو كيتا وقاعدة الدرك في "فالايدي" في عملية مزدوجة أربكت الأجهزة الأمنية.
فما الذي يجعل "ماسينا" تتوقف اليوم عن أي تحرك مشابه؟
وما الذي يمنعها من إيقاف شاحنات الإمداد والمواد الغذائية التي تعبر من موريتانيا والسنغال وساحل العاج وتوقف عملياتها على صهاريج الوقود وتهدد مؤخرا باستهداف شاحنات المواد الغذائية؟
وما الذي يدفعها إلى مراقبة الوضع دون تجديد عملياتها رغم قدرتها على ذلك؟
يبدو أن الاحتمال الأقرب هو وجود قناة تواصل ما، تفاوض غير مباشر، أو تفاهمات أولية تمنع الانفجار، ريثما تتضح ملامح المرحلة المقبلة.
ويتراجع خيار "أياد غالي" بالكامل عند مراجعة تاريخه مع قادة أزواد.
فأحداث عام 2012 تكشف أن قادة أزواد رفضوا تبنيه كقائد، مما أبقاه خارج دائرة القرار ودفعه إلى الانزلاق نحو الخيار المتطرف، بعيدا عن أي دور جامع، من خلال تأسيسه 2012 لجماعة "أنصار الدين" التي انضمت للمجموعات الأخرى لتشكل جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" التي يرتكز عملها على كتيبة ماسينا.
ويبقى السؤال معلقا؛ هل تسمح اللحظة بعودة "محمود ديكو" ليكون الجسر الذي يخرج مالي من الفوضى؟
تحياتي
أحمدو أمبارك




