العربية/هويتي
إن الذين لم تخطّ أقلامهم سطراً، ولم تشرق شمس المعرفة فوق ربوعهم قبل مجيء الاستعمار الفرنسي، هم وحدهم من يتشبثون بلغة المستعمر، ويعدّون مرحلة الاحتلال حقبة نور، لأنها اللحظة التي تعلّموا فيها القراءة والكتابة، واطّلعوا على العالم من خلال نظارات معلّمهم الغازي.
أما أولئك الذين وُلدوا على إيقاع {اقرأ باسم ربك الذي خلق}، ونشأوا بين رفوف المكتبات، وتحت ظلال الأشجار، وفي كهوف المساجد، فقد شربوا من معين العلم قبل أن تطأ أقدام المستعمر أرضهم.
لقد ارتكب الاستعمار الفرنسي جرائم ثقافية في حق شعوب بأكملها، ومنها ما وقع في كيديماغا، من حرقٍ للكتب والمخطوطات العربية والسوننكية، لتخلية المكان وتحلية الذوق بثقافة دخيلة، هي الثقافة الفرنسية المرفوضة شعبيًا.
ولا تزال ذاكرة محرقة مكتبات قاني السوننكي تطارد ضمير أهالي كيديماغا، وتشكل كابوسًا لأحفاد أولئك العلماء فلا حاجة لهم اليوم إلى ثقافة فُرضت بالنار والحديد.
بوبكر سيلا /باحث وناشط حقوقي
العربية /هويتي




