حكومة تتشظى .. ووطن على الحافة

بواسطة yahya

حكومة تتشظى.. ووطن على الحافة

من المؤكد أن أي خلاف داخل الحكومة يثير اهتمام الرأي العام، لكنه لا يصبح مبررا أو مفهوما إلا في سياقات استثنائية. كان يمكن تقبل الخلاف لو كنا أمام حكومة وحدة وطنية جمعت تحت سقفها طيفا سياسيا واسعا من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، حيث الاختلاف جزء من طبيعة التحالف. وكان يمكن تفهمه لو أننا نعيش لحظة استراتيجية حرجة تتطلب قرارات كبرى بشأن مصير البلاد، كحرب وشيكة أو أزمة اقتصادية خانقة، وكان الوزراء يتجاذبون أطراف النقاش حول أفضل سبيل للخروج منها. وكان يمكن أن يكون الخلاف مشروعا لو أن كل طرف داخل الحكومة يمثل رؤية مختلفة لمسار السياسات العامة، كما يحدث أحيانا في الأنظمة البرلمانية المتقدمة.

لكن، ما الذي يجعل الخلاف بين وزراء حكومة تنتمي لنفس الخط السياسي، وتدين جميعها بالولاء لرئيس واحد، بهذه الحدة؟ هل نحن أمام صراع مصالح ضيقة، أم أن ما خفي من التنافس على مرحلة ما بعد الرئيس أدهى وأمر؟ وهل بدأ بعض الطامحين في وراثة الكرسي يتخذون من هذه التصدعات فرصة لبناء خطاب بطولي؛ يظهرهم كصناع وحدة بعد انقسام؟

ربما نشهد في قادم الأيام مزيدا من المأدوبات السياسية والولائم التنسيقية التي يسعى من خلالها بعض "المترشحين المحتملين" إلى تسويق أنفسهم على أنهم من أنقذ الحكومة من الانفجار الداخلي، وهم من يستحقون بالتالي قيادة البلاد لاحقا. ولكن، هل يعي هؤلاء أن الرأي العام لم يعد ساذجا؟ وهل يدركون أن تصوير الحكومة وكأنها تنشغل بإصلاح ما تفتعله من خلافات، بدلا من الإنجاز الفعلي، ليس إنجازا بل دليل عجز؟

ثم ما معنى أن تنشغل الحكومة بتصدعات داخلية في وقت يتعرض فيه البلد لغزو ناعم من موجات المهاجرين الفارين من حروب منطقة الساحل، بما تحمله من تحديات أمنية واقتصادية؟ وأين هي من فشلها المزمن في إدارة التنوع العرقي، بينما نرى في دول الجوار كيف تغذى التطرف من خلال ربط نفسه بالصراع العرقي، مستفيدا من الهويات المتوترة والانقسامات المجتمعية، حتى أصبحت الحدود بين التطرف والتعبير العرقي الغاضب غير واضحة وخطيرة؟ فهل نحن محصنون من هذا السيناريو؟ أم نمضي إليه بخطى ثابتة ونحن نغرق في صراعات ثانوية؟

في النهاية، نبدو أمام مشهد متكرر: تصدعات لا متناهية، تتبعها مهرجانات مصالحة، يعقبها إعلان ترشحات طموحة. ويبقى السؤال المؤلم: ما هو مصير الوطن وسط كل هذا؟ هل أصبح الوطن مجرد خلفية لتجريب سيناريوهات الطموح الشخصي؟

أحمدو ولد أمبارك