موريتانيا.. من النضال السياسي إلى النضال بمال السلطة و ريع الخيريات !!
عرفت حياتنا السياسية تحولا عميقا في وعيها السياسي و في أدوات التأثير و أساليب الإقناع خلال العقود الثلاثة الماضية. فقد انتقل العمل السياسي فيها، منذ التعددية الحزبية و حرية التعبير، من النضال بالخطاب و الأفكار لكسب انتماء الأفراد للمشاريع و الحركات السياسية إلى التأثير بالمادة بشتى أوجهها.
كانت البداية مع حزب النظام ١٩٩٢( Prds)و مشتقاته( أحزاب تخوم النظام) حيث شهدنا لأول مرة ظاهرة نقل جموع المواطنين من المقاطعات إلى أماكن و ساحات المهرجانات و التجمعات الخطابية و الانتخابية في الحافلات، ثم في سيارات ميرسديس (190) ، ثم انتقلنا لتوزيع مبالغ على أشخاص يزعمون قيادة بعض الجماعات في المقاطعات، ثم انتقلنا لبعض الإغراءات الأخرى مثل ارتباط أولئك الأشخاص بالولاة و الحكام لتوظيفهم في تعبئة مجاميع المواطنين من أحياء الفقراء و الأميين لاستقبالات ضيوف الرئيس معاوية و حشود حزبه، مقابل الاستفادة من توزيع القطع الأرضية السكنية لبيعها و توظيف بعض أبنائهم غير المؤهلين كحراس و فراشين و بوابين... ، ثم استفادة هؤلاء مما تشرف عليه السلطات الإدارية عموما من لحوم و أغذية و نقود،....؛ كما كان أولئك الأشخاص يلعبون، بالتوازي، دور عيون السلطات في أحيائهم مقابل الاستفادة من "جاه و نفوذ" و همي يستغله هؤلاء في علاقتهم بالسلطات و بعموم المواطنين. و استمر العمل السياسي ( الحزبي خاصة) في تدهور قيمي و أدائي إلى أن وصلنا للمرحلة القاضية لقيم العمل السياسي و أساليبه و صيغه التقليدية. تلك هي مرحلة جمعيات جباية التبرعات المالية.
ولقد و ددت لو أن أحد طلاب جامعة نواكشوط قام ببحث أكاديمي بعنوان: ظاهرة انتشار جمعيات جباية التبرعات المالية في موريتانيا و دورها في نضال الأحزاب السياسية الموريتانية : على أن يتوزع البحث على عدد من الفصول، أقترح:
الفصل الأول : بداية ظهور جمعيات جباية التبرع، الفصل الثاني : الجمعيات المستفيدة من أموال التبرع، الفصل الثالث: دور الجمعيات في الثراء الفجائي للأفراد المشرفين على جباية التبرعات، الفصل الرابع: علاقة الفتاوي الدينية بالتحريض على جباية التبرع المالي للجمعيات، الفصل الخامس: توظيف جمعيات جباية التبرع في النضال السياسي و انعكاس تدخلاتها الخيرية في الخطاب الانتخابي و المكاسب التمثيلية في البرلمان، الفصل السادس: أساليب عمال جمعيات جباية التبرع في جمع المال من المؤسسات و الأسر و الأفراد، الفصل السابع: دور جمعيات جباية التبرعات المالية في تدني الوعي السياسي لدى الشباب الموريتاني و عزوفه عن النضال الوطني ، الفصل الثامن: دور جمعيات جباية التبرعات المالية في اختفاء جميع الأنشطة النضالية من وعي الموريتانيين ما عدى جمع الأموال تحت شتى عناوين الرأفة و الاسترحام،الفصل التاسع: علاقة الرفاه الاقتصادي للقائمين على جمعيات جباية التبرعات المالية بمظاهر التدين في الشارع و برضى الله، الفصل العاشر: علاقة جمعيات جباية أموال التبرع بانفتاح شرائح اجتماعية و قبولها بتعدد الزوجات الذي كانت تعتبره خطا أحمر ، الفصل الحادي عشر : خطر إمكانية توظيف جمعيات جباية التبرعات المالية في غسيل الأموال القادمة من خارج البلاد و تبييض بعضها في مرافق ذات نفع عام، الفصل الثاني عشر : حظوظ مستقبل جمعيات جباية أموال التبرعات في الوصول للسلطة في موريتانيا بالشراكة مع جهات دولية نافذة في سياق الصراع الدولي على مناطق النفوذ في منطقة الساحل!
ملاحظة: يمكن الزيادة و التغيير و التبديل و التقديم و التأخير في هذه الفصول، مع توخي الهدف المطلوب: دور الحزب الجمهوري الديموقراطي الاجتماعي( Prds ١٩٩٢- ٢٠٠٥) و جمعيات جباية أموال التبرعات، المبثوثة كالفطر، في فساد الوعي السياسي و تتفيه الحياة الحزبية و المجتمعية في موريتانيا، مع ما قد يستبب فيه ذلك من أخطار كبيرة، لا سبيل لتلافيها في ظروف بلدنا، عندما يلعب الكبار جديا في ساحة إفريقيا؟
محمد الكوري ولد العربي




