ما هي مشكلتنا مع الوطن؟
++++++++
أن يختطف البعضُ قرارنا الوطني لحساب هذا الطرف الإقليمي أو ذاك، أو أن نُفرط في استقلال رؤيتنا الاستراتيجية بدعوى الشراكة أو الحوار، فذلك جوهر المشكلة. موريتانيا ليست مجرد دولة ناشئة على هامش التاريخ، بل إنها تمتلك موقعاً استراتيجياً حيويا يتحكم بمفاصل الجغرافيا بين شمال إفريقيا وغربها، ويطل على الأطلسي على قبالة أمريكا واوربا، ويشكل بوابة طبيعية للصحراء الكبرى نحو أعماق الساحل الإفريقي.
هذا الامتداد الجغرافي يجعل من موريتانيا نقطة ارتكاز لأي مشروع إقليمي أو دولي جاد في المنطقة. ومن هنا تأتي أهميتها في معادلات الأمن والهجرة ومكافحة الإرهاب والتجارة العابرة للحدود. ومع ذلك، لا تزال بعض نخبنا تتصرف وكأننا عبء جغرافي لا ورقة ضغط جيوستراتيجية.
ما يؤلم حقا هو أن جزءا من وعينا الجماعي لا يرى الوطن إلا من خلال "الآخر"، ويقيس وزنه بمدى ارتباطه بالخارج، وليس بقدرته على صناعة قراره.
هذه العقدة النفسية والسياسية تعكس عجزا ذاتيا مستفحلا، يظهر في تعلق بعضنا بهذا الطرف أو ذاك، وكأن موريتانيا لا قيمة لها إلا عبر الغير.
الواقع أننا لا نفتقر إلى عناصر القوة، بل نفتقر إلى من يحسن قراءتها، ويُفعلها ضمن رؤية وطنية مستقلة.
نحن لسنا دولة وظيفية، ولسنا حديقة خلفية لأحد. نحن دولة محورية، علينا أن نتصرف على هذا الأساس.
فلماذا هذا العجز في الثقة؟
ولماذا لا نرى في أنفسنا سوى توابع في معادلات أكبر؟
وما هي السبل الكفيلة بتحرير وعينا من هذه الهشاشة الكامنة في النفوس؟
"إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ".
أحمدو أمبارك
