١ قصيدة الشاعر نزار قباني في انور السادات
هل أتتك الأخبار يا متنبي
إن كافور فكك الأهراما
سقطت مصر في يد قروي
لم يجد ما يبيع إلا الترام
مسرحي الطموح
يلبس وجهًا للكوميديا
وثانيًا للدراما
هو فاروق شهوة وغرور
والخديوي تسلطًا وانتقاما
وعد الناس بالرحيق وبالشهد
ولكن سقاهم الأوهام
ساق من فكروا لمحكمة الأمن
وألغى المداد والأقلاما
وظف النيل مستشار لديه
والملايين ساقها أغناما
أضرم النار في منازل عبس وتميم
وأنكر الأرحاما
عصبي يصيح في مصر كالديك
وفي القدس يمسح الأقداما
جردوه من كل شيء
ولما استهلكوه ألقوا إليه العظاما
مصر أم الدنيا
وجزء من القلب
وليس السادات إلا كابوس
وليس السادات إلا للأمريكان
عبد وخدام
..........................
2
كان اسمه
كما يقال أنور السادات
كان اسمه المأساة
والعلم عند الله والرواة
وكان يمشي
خلف عبدالناصر العظيم
مثل الشاة
منحنيًا.. منكسرًا نصفين
وشاحبًا.. وصامتًا.. وزائغ العينين
وكان أقصى حلمه
في أول الثورة أن يهتم بالحقائب
وأن يقول للرئيس آخر النكات
كنا نراه دائمًا
يجلس في سيدنا الحسين
يستغفر الله
ويتلو سورة الرحمن
كنا نظنه أنه يرتل القرآن
لكنه فاجأنا... وأخرج التوراة
كنا نظن أنه
سيدخل القدس على حصانه
ويستعيد المسجد الأقصى من الأسر
ويدعو الناس للصلاة
لكنه فاجأنا
وسلم الأرض من النيل إلى الفرات
هل أصبحت راشيل في تاريخنا خديجة؟
وصار موسى... أنور السادات
ويا للعجب
كان اسمه
من قبل أن يرتد عن شريعة الإسلام
محمدًا.. وصار أبراهام
كان اسمه سيدنا الشيخ
وكان دائم الصلاة والصيام
وكان في جبينه علامة
من كثرة الركوع والقيام
وكان كالأطفال يبكي
إن تذكر الرسول
أو جاء ذكر الله.. ذي الجلال والإكرام
كان تقيًا.. ورعًا
يخاف أن يدوس النمل
أو يُرَوع الحمام
وكان أهل مصر يقصدونه
ليطرد الشيطان عن أولادهم
ويحمل الفول إلى صحونهم
ويحمل الطعمية
لكنه فاجأنا
يلبس في نيويورك جبة الحاخام
ويقرأ القرآن بالعبرية
ويرفع الآذان بالعبرية
ويهدم الملك الذي أسسه هشام
ويغرس الخنجر في صدر بني أمية
فكيف يا سيدنا الإمام؟
من أجل عبرانية عشقتها
ذبحت أولادك في الظلام
وأمهم بهية
ويا للعجب
كان اسمه عنترة
في سالف الزمان
ويدعي بأنه مِن تَغلب
كان من قحطان
وأنه تعلم الدين على الشيخ أبي حنيفة
والشعر عن حسان
كان يقول أنه يؤمن بالحرية
والحب والإنسان
وإنه يعشق بنتًا حلوة مثل القمر
يدعونها بهية
لكنه فاجأنا
من بعدما أعطاه عبدالناصر الأمان
فافترس الحرية
وافترس الإنسان
وطلق البنت التي يدعونها بهية
وحارب الأنصار والصحابة
وأرجع الأوثان
وارتد عن عبادة الله
إلى عبادة الشيطان
فكيف يا عنترة؟
أصبحتَ في جراحة صغيرة
حاييم.. أو ناتان
وكيف في جراحة صغيرة؟
أصبحت مخصيًا من الخصيان
ويا للعجب
كان اسمه
في المتحف المصري إخناتون
سحنته سحنة إخناتون
جبهته جبهة اخناتون
لهجته لهجة إخناتون
وكان في أعماقه
أشياء من خوفو وفرعون
لكن عبدالناصر العظيم
ألبسه عباءة المأمون
فباعها
وأحرق العقال والكوفية
وأطلق النار من الخلف على ابن العاص
وأحرق الحنطة.. والغلال
والبيادر الخصيبة
وأحرق العروبة
كيف زوجوك يا بهية؟
من ذلك المجنون
وكيف خدروك يا بهية؟
بالخمر
والحشيش
والأفيون
وكيف أرغموك يا بهية؟
أن تحملي الخمر إلى مليكهم داوود
وكيف علموك يا بهية؟
أن تقرأي التلمود
وتصبحي راقصة في حارة اليهود
ويا للعجب
كان اسمه الفني
في مسارح المدينة
زوربا
وكان يعشق الظهور
وكان من أحلامه أن يصبح المطرب والعازف
والممثل المشهور
وكان يسمي نفسه
العزيز
والعظيم
والقوي
والعلي
والقدير
والمعصوم
والغفور
وصانع العبور
كان اشتراكيًا
يعيش عيشة الأباطرة
ويعشق السلطان
وعنده مزرعة كبيرة.. كبيرة
تعرف بإسم القاهرة
وعنده.. كل سرايات بني عثمان
كان (ترافولتا) عصره
في روعة الرقص
وفي أناقة الخطوات
وكان شعبيًا بأمريكا
وكان كوكب الشاشات
فكيف يا محمد.. يا أنور السادات
من أجل عبرانية عشقتها
تغدر بالأحياء والأموات
وتدعي أن النبي مات
وكيف.. يا.. أنور المأساة
تصبح إسرائيل في طنطا
وفي بنها
وفي إيلات
ويا للعجب
يا مصر
يا قصيدة المياه، والجسور
والمآذن الوردية
يا زهرة اللوتس
يا كتابة زرقاء فاطمية
أيتها الصابرة، الصامتة
الطيبة، النقية
أيتها القاهرةك المقهورة
الضعيفة، القوية
يا من يداها ذهب
وصوتها حرير
ماذا جرى؟
مِن بعد عبدالناصر الكبير
مَن مسح الحنة عن يديك يا بهية؟
مَن سرق النجوم من ليل العيون السود؟
ماذا جرى لجيمك الملحنة؟
والعسل المسكوب
من لهجتك المصرية
ماذا جرى؟
للكعك.. والأطفال.. والموالد الشعبية
والحزن في الشوارع الخلفية
يا مصر
يا حبيبة ابن العاص
وعشقه الأول والأخير
لن يستطيع الرجل الصغير
أن يطفئ الشمس، وأن يزوّر القضية
فأنت مهما ضاقت الحياة
أو جاء كافور إلى الحكم، أو السادات
باقية في القلب يا بهية
باقية في القلب يا بهية
باقية في القلب يا بهية....
لم يهجو الشاعر نزار قباني رئيسا او ملكا عربيا بالاسم الا انور السادات ولم يمدح او يرثي رئيسا او ملكا عربيا الا جمال عبد الناصر كان شاعر نزار قباني ناصريا متحمسا جدا...
صوره الشاعر نزار قباني منشورة في مجله اخر ساعه في فبراير 1965