مستقبل التعايش في موريتانيا مرهون بإلإسلام لا بإلعروبة المفروضة

بواسطة yahya

Image removed.

سي عبد الله

حين تتحول الهوية إلى سلاح للإقصاء، يفقد الوطن توازنه
في ظل تنامي الخطاب الهوياتي في موريتانيا، يعود إلى الواجهة سؤال محوري: ما الأساس الذي يجب أن تُبنى عليه وحدتنا الوطنية؟ هل هي العروبة بوصفها رابطة ثقافية؟ أم الإسلام باعتباره المشترك العقدي والأخلاقي الذي يوحد كافة الموريتانيين، بمختلف أعراقهم ولغاتهم؟
إن الإسلام في موريتانيا ليس مجرد طقس ديني، بل هو عمق حضاري وروحي يربط بين البيضان، والحراطين، والفلان، والسوننكي، والوولوف وغيرهم. لقد شكّل هذا الدين عبر القرون مرجعية أخلاقية وسلوكية للمجتمع، وخلق جسور تواصل عميقة رغم التعدد الإثني واللغوي.
لكننا، مع الأسف، نشهد منذ عقود محاولات متكررة لفرض هوية عربية أحادية على حساب هذا التعدد، من خلال تهميش اللغات الوطنية غير العربية، وتصوير العروبة على أنها المعيار الوحيد للانتماء الوطني. هذه السياسات لا تُعزز الوحدة، بل تزرع مشاعر التهميش وتُعمّق الشرخ بين مكونات المجتمع.
العروبة، بوصفها إحدى مكونات الهوية الموريتانية، تحظى بالاعتراف والفخر غير أن الخطورة تكمن حين تُحوَّل إلى هوية قسرية، يُطلب من الجميع الانصهار فيها، على حساب ثقافاتهم الأصلية. وهنا تتحول العروبة من مصدر اعتزاز إلى أداة للتمييز والإقصاء.
إن من يسعى إلى فرض العروبة تحت شعار “الوحدة الوطنية” قد يكون مدفوعًا بحسن نية، لكنه في الواقع يُسهم، بقصد أو بغير قصد، في تمزيق النسيج الاجتماعي، وتقويض أسس الثقة والتعايش بين المواطنين.
اللغة لا توحد الشعوب، بل تثريها. أما ما يوحدهم بحق، فهو القيم المشتركة. وفي الحالة الموريتانية، لا يوجد رابط أقوى ولا أعمق من الإسلام، الذي ينص على أن التفاضل بين البشر لا يكون بالعرق أو اللغة، بل بالتقوى والعمل الصالح: “إن أكرمكم عند الله أتقاكم”.
فلماذا نغفل هذا الميزان الإلهي، ونتبنى بدلًا منه مقاييس ضيقة تختزل الانتماء في بعد ثقافي واحد، لا يمثل كل مكونات الأمة؟
إن مستقبل موريتانيا لا يمكن أن يُبنى على أحادية ثقافية أو لغوية، بل على أساس المواطنة العادلة والتنوع المحترم. يجب أن نعزز ثقافة الاعتراف بالآخر، ونُصِرّ على دولة تحترم جميع مكوناتها، دون تمييز أو إقصاء.
فلنجدد التمسك بالإسلام كمرجعية مشتركة، ولنرفض أي مشروع يُقصي الآخر أو يحتكر تعريف الهوية الوطنية. فالوطن لا يكون وطنًا بحق، إلا إذا شعر فيه الجميع بأنهم أبناؤه بالتساوي، لا ضيوفًا فيه أو غرباء.
سي عبد الله
أتلاتنا-جورجيا

Source

 

Immerse Yourself In The Vibrant Colors Of 10 Flower Gardens dimmi-chi-chiama.it

by Taboola

Sponsored Links