مرة أخرى في موضوع الهجرة !!
هناك من يريد إغراق البلد بالمهاجرين غير القانونيين، و هناك من يريد تحريض دول هؤلاء المهاجرين على رعايا موريتانيين فيها من خلال تعمد إساءة معاملة المهاجرين في بلدنا لتشويه صورة البلد في العالم و تخويف النظام ليتراجع عن إنقاذ البلاد !!
إن على السلطات أن تضع تركيزا خاصا على ذلك الطابور الخفي، الذي سيظهر بأقصى درجات الحماس لتسفير المهاجرين غير الشرعيين ، بينما هو على الحقيقة يسعى للإساءة لسمعة البلاد و تعريض مواطنيها لإجراءات انتقامية ليس على إجراء التسفير القانوني بحد ذاته ؛ بل للظروف التي سفر فيها مواطنوهم. يجب أن يسترجع الموريتانيون و الظام السياسي، خاصة، أحداث 1989 و السرعة التي انزلقت بها تلك الأحداث إلى مآسي بين شعبين أخوين تربطهما أواصر الدين و وشائج الجغرافيا و التاريخ و الأنساب بسبب الإعلام الفرنسي و السينغالي و دعاية مجاميع عنصرية و حركات إديولوجية موريتانية اختارت عبر تاريخها السياسي أن تكون منصات تشويه و تضليل و ذخيرة احتياط ضد وطنها كلما دخل مأزقا وجوديا. لقد اتخذت الحكومات الأوروبية و الولايات المتحدة الأمريكية كل الإجراءات لمنع إغراق بلدانهم بالمهاجرين غير الشرعيين، فهل طالب أحد من قادة الرأي في هذه الدول بترك الحبل على الغارب للهجرة السرية؟ و هل اعتبر أحد حكومة اترامب عنصرية عندما قال إنه سيخلي بلده من آلاف المهاجرين السريين ؟ إن جرأة بعض المنظمات العاملة في مجال ما يسمى بحقوق الإنسان على تحدي قوانين البلاد ما كانت لتحصل لولا الضعف المؤسسي للأنظمة الحاكمة و هشاشتها المعنوية! و تراجعها المذل في القضايا الكبرى و المحسومة بالدستور الوطني! ألا يداس دستورنا يوميا من خلال فرض واقع رسمنة اللغة الأجنبية على كافة مؤسسات الدولة الانتاجية ومرافقها الخدمية؟ ألا تداس لغتنا الرسمية داخل قبة البرلمان بكل بجاحة و وقاحة و تحدي ؟! ... و الآن يراد لبلدنا أن يصادر عنوة ليكون مستودعا للهجرة السرية تحت طائلة التشويه... وصولا للتجنيس المزور بالجملة لآلاف المهاجرين. لقد صحنا منذ سنوات على السلطات بالتحذير من التغاضي عن الدخول غير الشرعي للمهاجرين و حاولنا بكل السبل لفت انتباهها إلى ما يمثله هذا الطوفان من تهديد وجودي للدولة و للسكان، قبل أن تستفحل الظاهرة و تغدو معالجتها مادة دعائية يستغلها أكثر من طابور و عنوان، داخليا و خارجيا، ضد البلاد... و لكن بكل أسف كنا كمن يرمي بالبذور في السباخ!
إننا نهيب بالسلطات إلى توفير كل مستلزمات التعامل الإنساني و الحضاري لهؤلاء المهاجرين و جعلهم في ظروف مرضية موثقة بالصوت و الصورة ، و في نفس الوقت التحلي و التمسك بأعلى مستوى للصرامة في فرض القانون و إخراج و ترحيل كل من دخل البلاد قافزا على الإجراءات القانونية للهجرة، مهما تعالت صيحات بعض بلداء الحركات الإديولوجية المرابين، تاريخيا، في الدعاية على حساب وجود بلدهم و أمنه و استقراره ، و كيفما كانت تشنجات الموتورين العنصريين إزاء إجراءات قانونية روتينية من شأن كل دولة ذات سيادة. فهاهي السينغال التي تشترك معنا الوسادة تدقق في وضعيات المهاجرين غير الشرعيين و تعيدهم من حيث قدموا ، و كذلك دولة مالي و تونس و المغرب و الجزائر و تركيا و فرنسا و اسبانيا و أمريكا... فلماذا تفرض علينا ظروف التهجير من وطننا و لماذا نقبل طائعين تغيير تركيبتنا الديموغرافية بالأجانب حتى نصبح أقلية في وطننا و تستلم مصيرنا أكثرية مجنسة من خلف الحدود! ؤ
فلمصلحة من هذه الجريمة... و هذا الغباء!!؟
الاستاذ الرفيق: محمد الكوري العربي