الدولة الموريتانية.. أين هي؟
عجبا!!
الدولة الموريتانية تصيغ دستورا و تستفتي عليه شعبها و تقر فيه لغتها الرسمية، لكن ذلك لا يمنع رئيسها من التحدث باسمها في المحافل الدولية بلغة مستعمرها، و لا يطرف الدستور رمش عين لبعض من وزرائها الذين ينشرون تعميماتهم و قراراتهم باللغة الأجنبية و أحيانا جعل اللغة الرسمية أسفل اللغة الأجنبية. و الدولة الموريتانية هي تلك التي تتفق فيها أغلبيتها و معارضتها على تغييب هويتها، تحمل كل العلامات و ليس لها علامة، فهي هي و غيرها!
● الدولة الموريتانية تمنع التجمعات القبلية رسمياعلى لسان وزراء داخليتها و يدعو رئيسها علنا لتجاوز العقليات البالية... و لا يعني ذلك شيئا لكبار أطر الدولة، من موظفين مدنيين و عسكريين، الذين يحضرون بكامل أبهتهم الرسمية للقاءات قبائلهم، الانتخابية و المطلبية، التي تعقد في الأماسي على بعد أمتار من رئاسة الدولة و من وزرائها...
● الدولة الموريتانية تنشئ قطاعا حكوميا للرقمنة و العصرنة و تشهد أكبر هجرة لشبابها المتميز في مختلف مجالات الهندسة دون اعتبار لذلك! و الدولة الموريتانية تنفق على قطاع للثقافة و لا تملك هوية و لا بصمة حضارية مميزة لها في العالم، و ليس فيها دور نشر و لا مراكز ثقافية و لا مطابع و لا نوادي و لا جمعيات للثقافة ... و الدولة الموريتانية تنفق على وزارة للتهذيب الوطني و أبناؤها بعضهم ينشأ على مناهج فرنسا، و آخرون على منهاج تركيا، ... و بعضهم لا يدرس إلا بالفرنسية و أكثرية لا يدرسون إلا بالعامية المحلية...
●، الدولة الموريتانية تنفق بسخاء على عشرات البعثات الدبلوماسية عبر العالم دون أن تقدم واحدة منها مطويا تعريفيا لتاريخ بلدها و لا تنظم ندوة و لا محاضرة عن مقدراتها الاقتصادية و لا عن فرصها الاستثمارية، و الأمر مألوف طوال السنين و العقود!!
● الدولة الموريتانية هي التي تلتئم مجاميع من نخبتها، بالليل و النهار، في اللقاءات التلفزيونية و الإذاعية للحديث عن الدولة العصرية و متطلباتها و تناقضها وظيفيا مع عفن البنى المجتمعية التقليدية، و في نهاية اللقاءات ينفر كل أكاديمي لمساعدة قبيلته في مبادراتها التنافسية مع القبائل الأخرى لاستقبالات رئيس الجمهورية في مرابعها!
●....
●...
● الدولة الموريتانية في وضعيتها أشبه بشجرة ميتة سقطت أوراقها و لحاها و حشا تجاويفها الرمل المهاجر، بعضها تنخره السوسة، و بعضها تأكله الأرضة و بعضها يجول و يصول فيه النمل الأحمر... و بعضها يختبئ فيه الدود ذو الرؤوس السوداء ، و بعضها تسكنه العقارب اللادغة، و الأخرى الكاذبة- الخباخب!