القنبلة الذرية.. والقنبلةاللفظية!!

بواسطة yahya

القنبلة الذرية.. و القنبلة اللفظية!!
بعد يومين ستحل الذكرى السبعين لوفاة العالم الفيزيائي العالمي آلبيرت انشتاين(Albert Einstein)، مخترع الفيزياء النووية التي شكلت واحدا من أهم الاختراعات و أكبرها تدميرا في تاريخ البشرية.  لم يكن انشتاين يدري، يوم الاختراع،  أن رسالته التي أرسلها إلى الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفيلت ، و تأسس بموجب مضمونها مشروع مانهاتن النووي، ستشكل منطلقا للعالمين الفيزيائيين العملاقين: روبرت أوبنهامر (Robert Oppenheimer) و إنريكو فيرمى(Enrico Verme) و آخرين معهم لصناعة القنبلة النووية  التي ستستخدمها الولايات المتحدة الأمريكية ضد اليابان في الحرب العالمية الثانية و أدت لإبادة مائات الآلاف من المدنيين الأبرياء، بمن فيهم الأطفال و النساء و المسنون في مدينتي نكازاكي و هيروشيما. و يروى أن انشتاين تملكه حزن و ندم عظيمين على اختراعه هذا في مجال الفيزياء لما رأى ما تسبب فيه هذا الاختراع العلمي من فظاعة و وحشية بحق الأبرياء. لكن ندم انشتاين و حزنه و ألمه( و تعقله)  لم يعد لكل ذلك معنى و لا فائدة ، بعدما استقرت الفأس في الرأس... 
و كأي سلاح له مفعول  و عمر للإيذاء ، فإن الكلمة سلاح... و سلاح  من أفتك الأسلحة و مفعولها من أطول مفاعيل الأسلحة عمرا و أصعبها علاجا. و الكلمة العنيفة ، في قوتها و تدميرها، بمثابة القنبلة النووية ضمن صنوف الأسلحة. و من هذا المنطلق، فإن مؤسس حركة إيرا، في سجل الاختراعات اللفظية العنفية المدمرة جدا للعلاقات و الأرحام  بحق مكونة اجتماعية من شعبه، يعد بمثابة انشتاين القنبلة اللفظية. و إذا كان انشتاين  في اختراع أفتك سلاح ذري قتل مئات الآلاف من الأبرياء و ما زال يقتل الآلاف في ذلك الشعب جراء مفاعيله الإشعاعية المستمرة، فإن انشتاين القنبلة اللفظية قد تسبب في كثير من الدموع و الأحزان بحق الأبرياء الموريتانيين الذين يبيتون على الجوع و يصبحون عليه في الأحياء الشعبية الهامشية، البعيدة عن الطبقة المخملية من المجتمع .  و بقدرما نحسن الظن بانشتاين في كونه لم يكن يهدف، في قرارة نفسه، إلى إبادة جماعية لتلك المدن، فإننا نحسن الظن بمؤسس إيرا في كونه لم يكن يسعى  عند تأسيس إيرا،  لحرب مجتمعية شاملة بين الموريتانيين، بقدرما كان يروم إعمال أكبر كمية من الضغط على الشريحة الاجتماعية التي ترمز للأسياد تاريخيا ، في نظره، و يعتبرها محتكرة  للسلطة و مباهجها و منافعها، بالأساس.  و يبدو أن الرمية ، أي رمية، لفظا كانت أو حجرا أو رصاصة أو قنبلة...، لا تتقيد بنية الرامي و لا بحدود مناورته، بعد ما تنفلت من فمه أو من يده!  لم يكن آلبيرت  انشتاين يسعى لقتل البشر باختارعه العلمي، و كذلك لم يكن مؤسس إيرا يهدف لحرب أهلية بين الموريتانيين ، لكن الرمية جفلت منهما، فأباد انشتاين بقنبلته النووية مدنا بحالها، و قاد إنشتاين القنبلة اللفظية إلى حقبة من التباغض المجتمعي و التدابر الاجتماعي المروع بين مكونات شعبه... و  يوشك المؤسس أن يفني بقنبلته اللفظية  شعبا بحرب أهلية! 
لم يكترث مستخدمو الأسلحة النووية بدموع انشتاين و إنسانيته المتأخرة عن وقتها، و ها هم مستخدمو الأسلحة اللفظية العنيفة،  من منظمة إيرا، لا يعبأون بعقلانية المؤسس و زوجه و أخلاقهما و مخاوفهما، المتأخرة كثيرا، من انفلات الأمور... صوب القارعة! 
لقد وجد انشتاين الوقت للندم و البكاء لأنه لم يكن في موقع القارعة، لكن المؤسس لإيرا يختلف معه في هذا الحظ !
إن إثم القتل بالقنبلة النووية و آثارها القاتلة و المشوهة  على طول التاريخ لا ينحصر في اختراع انشتاين  العلمي و لا في الرئيس الأمريكي الذي كبس على زر ذلك السلاح الملعون، بل طال كل السياسيين و الحلفاء للولايات الأمريكية في تلك الحقبة المشينة و المهينة للضمير الإنساني و للقيم المشتركة بين بني آدم ... كذلك لا تنحصر آثام القنبلة اللفظية لإيرا في اختراع المؤسس لإيرا لرزم القدحيات و مخازن الألفاظ المهينة لكرامة البشر، أحياء و أمواتا،  و لا  تتوقف عند الذين استخدموا هذا السلاح من بين أعضاء المنظمة ضد شريحة اجتماعية لا ذنب لها إلا لون بشرتها أو انتسابها لموتى طواهم الموت و غيبتهم اللحود منذ حقب  ... و إنما طال و يطول حلفاءهم السياسيين و الحقوقيين. فما من قطرة دم أريقت من بريء ، و ما من بريئة اغتصب شرفها و انتهك عرضها، و ما من طفل جرى ترويعه بسيف مرفوع على رأس أبيه أو سكين مشرعة على وتين أخيه ... و ما من  ممتلكات أو متاع سرق أو انتزع ،حرابة، من أهله على خلفية القنابل اللفظية القدحية العنيفة و الشحذ الدؤوب  لمدى الكراهية المجتمعية، إلا سينال كل طرف من تلك الأطراف، حلفاء و أعضاء،  نصبه  غير منقوص من المسؤولية و الآثام، في الدنيا و الآخرة، على طول استمرار مفاعيل هذا السلاح الهلاك ...

محمدالكوري ولد العربي