اليست هذه ازدواجية في التعامل مع المسيئين؟

بواسطة yahya

أليست هذه ازدواجية في التعامل مع المسيئين؟

1 ـ النائب مريم الشيخ والناشط السياسي سيدي ولد الجيلاني مواطنان موريتانيان، كلاهما استخدم عبارات عنصرية مسيئة؛

2 ـ الناشط سيدي ولد الجيلاني أساء إلى المواطن موسى ولد بلال ووصفه ب"العبد"، والنائب مريم الشيخ أساءت لشريحة كاملة، ووصفت البيظان "ببودوات"؛

3 ـ إساءة سيدي ولد الجيلاني كانت عبر مجموعة واتسابية مغلقة ومحدودة الانتشار، وإساءة مريم الشيخ كانت من خلال فيديو منشور على الفيسبوك متاح للجميع مشاهدته؛

4 ـ الناشط سيدي ولد الجيلاني سارع إلى الاعتذار عن إساءته، وحذفها من المجموعة الواتسابية، والنائب مريم الشيخ لم تعتذر عن إساءتها، ولم تحذفها من حسابها؛

5 ـ الناشط سيدي ولد الجيلاني حُكِم عليه بالسجن سنتين نافذتين وغرامة قدرها ثلاثة ملايين أوقية، والنائب مريم الشيخ لم ترفع عنها الحصانة، ولم تحاكم، ولم تعتذر، وإنما اعتذر الرئيس بيرام نيابة عنها وعن غيرها.

هذه المقارنة يمكن أن نوردها في حالات أخرى، فهي تنطبق أيضا على النائب قامو وعلى الناشطة الإيراوية وردة.

شخصيا أدين كل الإساءات، سواءً كانت إساءة لمواطن أو لشريحة، وكل من يسيء يستحق أن يعاقب، ومع ذلك فكنتُ من أوائل المرحبين باعتذار الرئيس بيرام باسم النائبتين، فمن المهم أن نتفادى التصعيد كلما كان ذلك ممكنا، ولكني مع ذلك لا أرى أن التمييز بين المسيئين والإساءات يخدم العدالة وبناء دولة القانون والمؤسسات، فالعفو يجب أن يشمل الجميع، ودون تمييز.

فالناشط السياسي أحمد صمبه، أصبح الآن ضحية للتمييز، ذلك أن إساءته كانت أقل حدة من إساءة النائب مريم الشيخ، فلماذا يبقى في السجن؟ فهل ذنبه الذي يحول دون إطلاق سراحه أنه لا ينتمي لحركة إيرا حتى يعتذر الرئيس بيرام نيابة عنه؟

إني من الذين يقفون بقوة ضد الإساءة لشخص رئيس الجمهورية، فالإساءة إلى شخص رئيس الجمهورية هي إساءة لمنصب رئيس الجمهورية من قبل أن تكون إساءة لشخص الرئيس، ولم يحدث في الفترة التي كنتُ معارضا فيها للنظام أن خاطبتُ الرئيس السابق إلا بأحسن عبارة يمكن أن يُخاطب بها الرئيس، وبطبيعة الحال، فلم يمنعني احترامه ومخاطبته بالرئيس من أن انتقاده بقوة.

إن من واجبنا جميعا أن نحترم رئيس الجمهورية، ولا يمنع ذلك الاحترام  معارضيه من انتقاده وانتقاد نظامه بقوة،  فمنصب رئيس الجمهورية يجب أن يُحمى من الإساءة اللفظية، وهذه ليست حماية لشخص الرئيس، وإنما هي حماية للمنصب نفسه، ويمكنني أن أجزم بأن بعض القادة الذين يطمحون للوصول للرئاسة، والذين ينتقدون اليوم معاقبة من يسيء لرئيس الجمهورية سيدركون أنهم مخطئون عندما يصلون إلى الرئاسة، ولن يترددوا حينها في معاقبة من يسيء إليهم، وليس ذلك حماية لأشخاصهم، وإنما حماية لمنصب رئيس الجمهورية أعلى منصب في الدولة، فحماية هذا المنصب من حماية الدولة.
ختاما
إن العفو الذي استفاد منه البعض يجب أن يشمل الجميع، ولكن من الآن فصاعدا فإنه يجب عدم التساهل مستقبلا مع أي يسيء مسيء، كائنا من كان.
على النظام أن يعمم العفو ليشمل الجميع، وعليه أيضا أن يتعامل  بصرامة مع كل من يرتكب إساءة مستقبلا ضد أي مواطن أو شريحة أو ضد رئيس الجمهورية. 
فلتتوقف الإساءات من الآن، وبعد أن يكون الجميع قد استفاد من العفو.

محمدالإمين الفاضل