الدولة هي المسؤولة عن تعفن االمجتمع !!
الدولة ، منذ معاوية ولد الطايع و لحد خطاب رئيس الجمهورية اليوم في ودان، ليس لها شغل آخر سوى:
- اغتيال النخبة الوطنية، السياسية و الثقافية و الفنية، عبر إفراغها من مضامينها بالتهميش و الإقصاء و الاستهداف بالسجون و الملاحقة ، و التجويع و الإذلال و الاحتقار و حملها على التخلي عن كل مبادئها و اهتماماتها الوطنية الكبرى كالنضال في سبيل التوعية الجماهيرية و التضحية لأجل الأهداف الكبرى و المشتركة....؛
- تتفيه الحياة السياسية و الحزبية عبر التمييع بإغراق الساحة الوطنية بالتراخيص لأحزاب ورقية في أيدي أشخاص يعملون لصالح وزارة الداخلية ، أو في أيدي أشخاص عديمي الأهلية السياسية و حتى الأهلية المعرفية ، أو في أيدي أشخاص يطلبون التكسب المادي بأوصال التراخيص كتأجيرها في الحملات الانتخابية مقابل مبالغ مالية مما شوه سمعة العمل الحزبي في مسامع الشعب الموريتاني؛
- حرمان أصحاب المشاريع الحزبية الجدية من الاعتراف القانوني و إجبارهم على إخلاء الساحة السياسية لغيرهم من التافهين و المنتفعين من الأنظمة مقابل الرضوخ للأمر الواقع بإرادة و قوة الدولة!
- فرض قانون لترخيص الأحزاب لا يمت بصلة لأهداف و رسالة الأحزاب السياسية المعروفة في العالم ، مثل شروط التجميع الميكانيكي لأعداد من المواطنين حول حزب سياسي لا يدرون شيئا عن برنامجه السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي، لأن هذا البرنامج، إذا وجد أصلا، فهو محبوس في إضبارة بوزارة الداخلية و مشروط بتجميع مسبق لهذه الأعداد ... فالوزارة، بهذا القانون، تفرض الانتساب لأحزاب غير معروفة إلا لإدارة الحريات العامة و الشؤون السياسية... و هذا القانون ، في روحه، ليس أكثر مما كان يقوم به الحزب الجمهوري الديموقراطي و الاجتماعي في عهد نظام معاوية أثناء حملاته للانتساب، حيث يمكن أن ينتسب إليه كل أفراد أحزاب المعارضة لفائدة أشخاص مقربين منهم، في بالوعة النظام و حزبه!
- تدوير الدولة للفاسدين و المشهود لهم بنهب المال العام في أرقى و أشهى المواقع و المناصب في هرم الدولة و نبذ الوطنيين و المخلصين الذين لا يرضون بالتبذل السياسي؛
- تشجيع الدولة ، عبر التوظيف و الترقية الوظيفية، للأشخاص الذين يستخفون بالعمل السياسي، و ضرب طوق على المتسيسين، مهما كانت خبرتهم و أهليتهم، تحت عنوان التقنوقراط، مما جعل الكثير من النخبة يسفهون العمل السياسي و يعزفون عنه خشية الحرمان من التوظيف و التعيين؛
- إعطاء الدولة الأولوية لأبناء شيوخ القبائل و أبناء شيوخ أمالزن ( المترجمين في ظل الاستعمار الفرنسي) و الدوران بينهم ، مع إهمال الكفاءات الوطنية المنحدرة من أوساط الفقراء و المناوئين تاريخيا للاستعمار الفرنسي!
إن دولة تقوم بحصار نخبها المتنورة و تجعل مرتكزها على الولاء دون الكفاءة ، و على التفاهة بدلا من الجدارة، لا يمكن أن تتوقع تحولا في عقلياتها البالية، و لا تطورا في أنساقها الاجتماعية، مهما رفع من شعارات و ما دبج من خطب رنانة، سرعان ما يسحقها واقع الأفعال و تنسفها مكانس الممارسات في شتى المستويات...
إن خطاب فخامة رئيس الجمهورية، و ليس أول خطاب له في ودان ، في موضوع تحرير المجتمع من عقلياته و بنياته الوظيفية التاريخية التي البنت عليها أوهام التفاوت الاجتماعي لا يمكن تغييرها بالنخب التي حصلت على امتيازاتها بالولاء دون الكفاءة و لا بالنخب التي تحافظ على امتيازاتها المستحقة من ريع خدمة أسلافها للاستعمار !!!
محمد الكوري العربي




