الرقة حين تلاقي الصرامة، وحديث السلاح إذا غازل الحرائر!
--------------------
اطلعت باهتمام على تدوينة السيدة الفاضلة، مهلة أحمد، رئيسة المرصد الوطني لحقوق المرأة والفتاة، التي علقت فيها، مشكورة، على إحدى العبارات الواردة في مقابلتي الأخيرة، خلال عرضي لعملية عسكرية دقيقة نُفذت في ظروف انقلابية، وتحديدا أثناء شرحي لتكتيك السيطرة على موقع حساس.
وذلك حين قلت: "هذا حديث النساء"، وهي عبارة إذا ما أُخذت على ظاهرها قد تُفهم في غير مقصدها. والواقع أن "حديث النساء" في ثقافتنا، وكما نفهمه نحن أبناء الميدان، ليس ذمّا ولا قدحا، بل توصيف لما يقف نقيضا لمعجم الحرب. فالنساء حديثهن رقة ورحمة، بينما الحرب لغتها الصرامة والانفجار. فشتّان بين حقل كله زهور وعطور، وبين حقل تشتعل فيه النيران!
إنّ لغة الميدان العسكرية، وخاصة أثناء العمليات، تقتضي استخدام مصطلحات حادة ومباشرة كالاقتحام والسيطرة والتحييد..
أما حديث النساء والحديث عنهن فأمر مختلف، ولا ينبّئك مثل خبير؛ فقد ذقنا مرارة الأسر في غياهب السجون، ولم نجد وفاء ولا صبرا أعظم من وفاء الحرائر وصبرهن في لحظات اليأس والضيق.. فكنّ أقوى من القنابل في صبرهن، وأوفى من كثير من رفاق السلاح!!
والأنثى هي أجمل ما في الحياة لما فطرت عليه من الرقة والرحمة.. وأعظم إنجازاتها أنها لا تشبه الحرب في شيء، بل تنشر الحب والسلام!
وفي الختام، إن فهم من بعض تعبيراتي ما قد يحمل على غير مقصده، فأنا أعيده إلى طبيعة التعبير العسكري، لا إلى التقويم الاجتماعي.
وإنني، إذ أحيي حرص السيدة الفاضلة على نقاء الخطاب واحترام الرمزية النسائية، أدعو في الوقت ذاته إلى تمييز السياقات، فليس كل ما يقال في الميدان يُقاس بميزان الأدب المدني.
تحياتي..
أحمد مبارك الإمام
تدوينة السيدة في أول تعليق