الهوية تتشكل. بالثقافة ...وليس بالمظالم!!

بواسطة yahya

الهوية تتشكل  بالثقافة.. و ليس بالمظالم!!
إسألوا  علماء لآنتروبولوجيين الأوروبيين و الأمريكيين.
بقلم محمد الكوري ولد العربي.

الأسس التي تحدد و تعرف الهوية هي الثقافة بالمعنى الشامل...و لا يوجد شعب أو مجموعة اجتماعية  بنت هويتها على أسس المظالم و لا المغارم الاجتماعية، التي لم ينج منها شعب في التاريخ على وجه الأرض.
راجعوا رأي الإنتربواوجيين النصارى( من فرنسا و إطاليا  و آلمانيا و أمريكا و روسيا في موضوع الهوية و  محدداتها و تعريفها...  و هذه المحددات مبثوثة في بطون الكتب و في محركات البحث العلمي ...و لن تجدوا  من بينها المظالم و لا المغارم الاجتماعية.  لنأخذ  مظلمة بل جريمة العبودية كأساس نبني عليه هوية مجموعة اجتماعية عانت تاريحيا منها. 
أول( أولا): سنجد أننا أمام واقع انساني تاريخي لم يسلم منه شعب و لا أمة في الأرض ، و هذا سوف  يضعنا أمام هوية جامعة لكل  مجموعات البشرية المنحدرة تاريخيا من  العبيد السابقين في موريتانيا و الإغريق و الرومان و مصر القديمة و شعوب أوروبا القرون الوسطى و السود في أمريكا القرن السابع عشر و الثامن عشر  و التاسع عشر ، و في شعوب الصين  عهد لاو تزو و  شعوب الهند إبان  كونفشيوس...  و في اليابان في ظل الامبراطور جيمو تينو  ، و في العصور السحيقة  للجزيرة العربية  و شعوب الشام و العراق ، من البابليين  و السومريين و الآشوريين و الفينيقيين ... و في شعوب  إفريقيا الوثنية. و لا يخفى ما في هذا الأساس من الهشاشة  في المنطق و الجهل بالتاريخ و المجتمعات . 
ثانيا، سنكتشف أن واقع العبودية عبر التاريخ  لا يتضمن أي عنصر جامع بين هذه الشعوب التي اشتركت في المعاناة من الاستعباد : لا لغة ، لا عادات، لا ثقافة، لا زي، لا مسكن، لا تصور للكون، لا للفن، لا للجمال، لا للقيم، لا لما وراء الطبيعة... و حتى إن هذه المجموعات لا تشترك  في اللون: فبعضها بلون أبيض، و بعضها بلون أصفر، و بعضها بلون أحمر، و بعضها بلون قمحي، و بعضها بلون بني... و بعضها بلون أسود !  
ثالثا، سنرى أن المجموعات البشرية التي وقعت تحت مأساة العبودية  تاريخيا ليسوا سواء ، لا في نوعية النظام الاجتماعي التي خضعت له  و لا في أساليب الاستعباد ، و لا في نمط الاستخدامات تبعا لاختلاف الأنشطة الاقتصادية المعمول بها... و لا في  التعابير عن  الفرح و لا عن الحزن...
رابعا،أن هذه المجموعات التي مرت بواقع العبودية قد تطورت هي نفسها عبر التاريخ الصراعي بين مختلف الشعوب و داخل أنساقها الاجتماعية، فأصبحت أو أصبح بعضها أسيادا  و مالكا للعبيد و متاجرا  في أسواق النخاسة، و من أثريائها المشهودين، لانتفاء رابطة دم أو قرابة الرحم بينهم! 
خامسا، كلما تمكن فرد أو مجموعة أفراد من التحرر من حمأة المعاناة و الغبن ( الاقتصاديين و الاجتماعيين)  الناتجين عن جريمة الاستعباد تاريخيا، فإنهم لا يعودون يشعرون بالانتماء إلى ( نقابة)  الدفاع عمن ما زالوا في القيود إلا من باب التعاطف الإنساني و الدفاع عن قيمة الحرية المشتركة  بين بني آدم، و هذا ما يختلف مع المشتركين في بنية ثقافية و منظومة قيمية؛ أولئك  الذين  لا يستطيعون الخروج منها هكذا بقرار سياسي لمصلحة اقتصادية أو منفعة تجارية  ،  لأنهم لم  يشيدوا أصلا  هذه البنية و هذه المنظومة بقرار سياسي أو بتطلع لنفع  فردي أو جماعي!  فالهوية الثقافية للشعوب كالهوية الشخصية للفرد، فأي منا جلس مع نفسه  ليحدد شكله و لونه و قامته و خامة صوته و وضع أنفه و أذنيه و هيأة رأسه و شعره  و أي منا ، بعقل سوي، بوسعه أن يتنكر لشكله و محدداته المميزة لأنه لا يرضى عنها أو أنه يتطلع أن يكون على صفة آخرين من الناس... قد يذهب فرد إلى مركز " تجميل" فيغير بعض ملامحه التي لا تعجبه... لكن لا يمكن لجماعة أو شعب أن يقوم بهذا التصرف، جماعيا... و أغلب ما يحدث أن من يجرؤ على هذا التغيير القسري التنطعي  بقرار من عنده  ينتهي به الأمر  إلى تشويه لخلقه... و يستحيل عليه إصلاحه إذا ندم! 
أنتهي إلى القول إن الاشتراك في المظالم و المعاناة، مهما كانت قسوتها و تماثلها، لا يصلح أساسا علميا لبناء هوية ثقافية   و إنما يصلح لبناء نقابة بالمعنى الإغريقي  لاسترداد الحقوق  الاجتماعية ... و عند استرجاع الحقوق ينتهي مفعولها، بتفرق و اختلاف المصالح بين مكوناتها...

.محمد الكوري العرب