تدوينة بخصوص الجدل الاعلامي حول التغلغل الايراني المذهبي في تونس وما تم تداوله عن افتتاح حسينية بها. هذه مجرد وجهة نظر شخصية من واقع المناقشات التي أدرتها لعشر سنوات بين علماء الشيعة والسنّة. حق الرد على رأيي برأي مخالف له متاح للجميع. وأسأل الله الكريم أن يهدينا للحق جميعا وإلى صراطه المستقيم.
■ نقلت رويترز وشهود في اجتماع تحدث فيه اسماعيل هنية في الدوحة، أنه، أي اسماعيل هنية، طلب من خامنئي المشاركة في الحرب من أجل غزة، فأجابه: تحرير فلسطين شرف خاص بكم أهل فلسطين ولن ننافسكم عليه.
في ايران نظام حكم شيعي متدين. الهدف الأول لمؤسسيه وقادته الحاليين نصرة المذهب الإثني عشري ونشره في كل ركن من أركان العالم، و"تحرير" الحرمين الشريفين من الوهابية. والهدف الثاني تعزيز مكانة ايران كلاعب رئيسي في الخليج والشرق الأوسط، وهنا يأتي البرنامج النووي الإيراني. أما فلسطين فعلى الأرجح أداة دعاية فعالة لاختراق المجتمعات السنية لا أكثر.
يُسَخّر قادة ايران موارد الدولة الإيرانية لنشر المذهب. يصرفون المليارات ويعتبرون ذلك جهادا في سبيل الله. وقد حققوا نجاحات معتبرة لا ينكرها إلا مكابر.
بالمقابل، لا تشتغل الحكومات السنية بالشأن الديني، وهي غالبا في اشتباك معه من خلال اشتباكها مع الإخوان المسلمين. المليارات التي يصرفها بن سلمان على نجوم الكرة والرقص، وتلك التي يصرفها بن زايد في محاربة الإسلاميين السنّة، ينفقها قادة ايران على نشر المذهب.
في تونس مثلا، تخصص ساعة أسبوعية يتيمة لتعليم الأطفال مبادئ الدين، وأظن إن نصفها مخصص للتربية الوطنية والمدنية.
كيف لمن هذا حظه من التعليم الديني أن يعرف مثلا أن أساس التشيع اتهام كل الصحابة(عدا ثلاثة) بخيانة الرسول صلى الله عليه وسلم بعد وفاته مباشرة لأنهم لم يختاروا عليا للخلافة، وأن كل مسلم في السابق أو اليوم ينكر عصمة علي وأحقيته وأحقية 11 من ذريته بالخلافة، أو ينكر أن الثاني عشر منهم حي منذ 328 هجري/940 ميلادي وعائش بيننا لكنه مختف عن الأنظار، كل من ينكر ذلك لا حظ له من الإيمان ولن يشم رائحة الجنة وإن كان مسلما في الظاهر؟
وإذا قلت لهم هل يعقل أن أمرا هو الفيصل بين الجنة والنار مثل حياة الإمام الغائب الحي المختفي عن الأنظار بزعمهم من أكثر من ألف عام لم يذكر في القرآن الكريم أو حتى في نهج البلاغة للإمام علي، قالوا لك لن ترى الجنة إذا لم تؤمن بوجوده.
تشيعت ايران بالقوة وسطوة الدولة وحملة قمعية شديدة متوحشة مع بداية الحكم الصفوي في مطلع القرن السادس عشر ميلادي. تم استخدام قوة متوحشة لتشييع الإيرانيين السنة. قتل خلق كثير منهم يقدر بمئات الألوف.
يلعن الشيعة الخلفاء الراشدين الثلاثة المتقدمين على سيدنا علي، ولهم كره مضاعف لعمر بن الخطاب، ويطلقون لقب (الناصبي) باستسهال كبير على منكري الإمامة والعصمة. ويا ويل من وصفوه بالناصبي لأن الناصبي عندهم ملعون حلال الدم.
ليس في تونس اليوم جهة دينية يمكنها تنبيه الشعب لهذه الأمور، وتذكيره أن الإسلام يعرف المساجد لا الحسينيات، وأن تسليط الضوء على قتل سيدنا الحسين لا سيدنا علي مقصود. سيدنا علي قتله أحد أنصاره الذين خرجوا عليه وضرب الرؤوس والظهور من أجله لا يشتت صف المسلمين، لكن قتل الحسين على يد جيش يزيد يفتح الباب للابقاء على الجرح الإسلامي غضا طريا كأن المعركة جرت أمس.
أصلا اسم كربلاء اسم نحس وشؤم كما لاحظ سيدنا الحسين نفسه لما وصل اليها، وها هي الى اليوم عنوان شرّ كبير ألم بالمسلمين ولا يريد الشيعة غلقه أبدا.
أخطأ يزيد وجيشه، وارتكبوا جرما كبيرا، وأخطأ معاوية قبل ذلك بتوريث الحكم لأبنائه، لكن سيدنا الحسين ليس أول ولا آخر شهيد في الإسلام، ولا يمكن اتخاذ اسمه عنوانا لتوجه ديني يرفع لواء الثأر من الأمة الإسلامية الى يوم القيامة. كما أن توريث الحكم ليس خطأ الأمويين وحدهم، فهو أيضا من صلب عقيدة الشيعة ومن لا يقول به فهو كافر.
لو أتيح لوفد حقوقي تونسي من غير الإسلاميين أن يسمع من منظمات حقوق الإنسان الدولية عن معاناة سنّة العراق من الميليشيات الشيعية المسلحة الموالية لإيران، وما يحصل لمساجينهم في المعتقلات العراقية، لعلموا أن الأمر جد لا هول.
ربنا يستر تونس وأهلها من كل فكر ديني أو غير ديني يقوم على الثأر والحقد والكراهية. يستحيل أن تكون رسالة الإسلام مختزلة في شعار يا لثارات الحسين. لقد قتل والد الحسين، وقبلها قتل أنبياء ولم يحدثنا القرآن الكريم عن واجب الثأر لهم، وقتل حمزة سيد الشهداء ولم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم يا لثارات حمزة.
ديننا دين السلام والتراحم والعدل والمحبة والعفو والمغفرة.
دمحمد الهاشمي الحامدي