عجبت من أمة تضحك والرمح يسقط من يديها!
+++++
"ولكن أكثر الناس لا يعلمون!"
"ولكن أكثرهم لا يعقلون!"
وما أشبه زماننا بهذا الوصف القرآني...
فها نحن نقاد اليوم من الذين لا يعلمون،
ونسير خلف من لا يعقلون،
ونسجد في محراب التفاهة باسم الحداثة!
وكأن العقل قد علق على الرفوف، والوعي قيد بسلاسل الضحك والسهو
شباب تسمروا خلف الشاشات،
ينتظرون صافرة البداية بين ريال ومدريد،
وحين تنتهي المباراة هناك،
تبدأ حربهم هنا!
يتقاتلون على من سجل،
ومن أضاع،
ومن ظلم،
ومن استحق،
وكأنها معركة مصير!
في نقاش عدمي لا ينتج وعيا،
ولا يصنع موقفا،
ولا يترك أثرا
ثم لا يكاد الغبار يهدأ،
حتى ينتقلوا من ملعب الكرة إلى ملعب الشاشات الصغيرة،
يركضون خلف من يجمع الإعجابات،
ويصفقون لمن يرقص،
ويضحكون لمن يهرج!
ويحسبون أن عدد الإعجابات شهادة تقدير،
وأن صانع التفاهة نجم يضيء الدرب...
أي عتمة هذه؟!
لقد صار الإعلام الرقمي سلطة بلا ضابط!
تنصب من تشاء، وتقصي من تشاء،
ترفع الجاهل، وتطمس العاقل،
والمحتوى الرديء ينتشر كالنار في هشيم الفراغ،
بينما يموت الفكر الشريف في صمت!
مجد الكرة لا يصنع أمما،
والميداليات لا تبني أوطانا،
والمقاطع القصيرة لا تصنع قادة،
إنها أدوات لهو!
لكننا جعلناها معيارا للمجد،
ورفعنا من لا يقرأون فوق من يعلمون،
حتى صار الذي يضحكنا... هو من يتبع!
قديما، كانت الفروسية لعبة العز،
يتدرب بها الفتيان للمعركة،
وكانت الرماح ألعابا جادة،
لأن الأمة كانت تعي أن اللعب الجاد من جنس الجد،
فاللعب هنا إعداد للجد في أقصاه: الحرب، والنزال، والميدان
أما اليوم...
فركوب الخيل وجاهة،
والسيوف تعلق للزينة،
والنقاشات صارت معارك وهم!
نتقاتل فيها بالكلمات الفارغة،
ولا نرفع فيها إلا رايات الجهل!
فهل هذا هو مصير أمة... حملت من قبل رايات النور؟!
مجتمع لا تقوده نخبة،
يفكر بأقدامه لا برأسه،
يركض خلف الصورة لا خلف الفكرة،
ويحسب أن النصر أن يعلو صوته، لا أن يسمو وعيه!
يا قوم...
المجد لا ينال من وراء الشاشات،
ولا يصنع من مباراة منقولة،
ولا من بث مباشر،
ولا من منشور يجمع مئة ألف إعجاب،
بل من إشعال الوعي!
ومن بناء جيل يعرف ما يقول،
ويعي لماذا يعيش،
ويحمل في قلبه مشروعا،
لا نتيجة مباراة!
صباحكم سعيد
أحمدو ولد أميارك