في البدء ..كان السؤال!!

بواسطة yahya

في البدء.. كان السؤال!!
● سؤالان لا أنتظر الرد عليهما: الأول منهما موجه لفخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني : ما ذا تتوقعون، سيدي الرئيس،  من شخص خان أمانته الوظيفية و تمت إقالته من منصبه بسبب سرقته للمال العام، أو ما  يطلق عليه من باب التلطيف( سوء التسيير) ، ثم يتم تعيينه، دون توبة و لا ندم، على رأس مؤسسة أضخم  و أكبر غلافا ماليا من المؤسسة التي أقيل منها على خلفية خيانة الأمانة، فهل تتوقعون أن ضميره صحا بعد السرقة الأولى؟ و إذا كان الجواب بالنفي، فما ذا تتوقعون منه عندما يكافأ على ( سوء تسييره)  بمرفق عمومي أكبر شأنا و أكثر دسما؟ 
● يقول المرجفون في مدينة نواكشوط : إن من بين ما يثار من أحاديث - على خلفية تورط شركة  الأدوية الوطنية  (كاميك)  في إغراق البلاد بالأدوية المزورة، لا أدري مدى صحة ذلك،-  أن مديرها،  كان قد أقيل من منصبه، قبل شركة كاميك،  بسبب إخلاله بأمانة الوظيفة في مؤسسة أخرى ، ثم جرى تعيينه على هذا المرفق الحكومي شديد الحساسية، فهل من عينوه كانوا ينتظرون منه يقظة ضمير بعد خيانته الأولى لأمانة الوظيفة ؟ و هل كانوا يتوقعون منه أداء غير الذي أدى في المؤسسة التي أقيل منها؟ ... أم أنهم أرادوا بتعيينه تعميم نموذج الإخلال بالواجب الوظيفي في كل مؤسسات الدولة ذات الصلة بحياة المواطنين !
● دعوا مدير كاميك لحين يتأكد تورط شركته، التي أنيط بها دور الرقابة على سلامة الأدوية المستوردة، في نشر و التستر على الأدوية المزورة و المغشوشة، لكن لما ذا، في العموم،  يتم إعادة تعيين الأشخاص- الذين سبق أن أقيلوا بسبب الإخلال بشرف التسيير و قلة الورع في  المال العمومي، في مواقع أرفع من ذي قبل و بوقت أسرع من تعيينات أشخاص آخرين، لم يتهموا بنهب المال العام ؟! 
● فبأي منطق تجري مثل هذه الأمور في بلد يعترف حكامه أن وجوده يتعرض لمخاطر جدية، في رأس قائمتها الفساد و المفسدون!  و الأغرب أن  هؤلاء الأشخاص يتم تصعيدهم لمناصب مجزية و مشرفة في الوقت الذي يجري الحديث أنهم يعيدون سرا ، بالتقسيط، بعضا مما سرقوا من أموال الشعب، عقب التفاوض و الأخذ و الرد مع الجهات المعنية من الدولة... تصوروا سارقا يتفاوض  حول النسبة التي هو مستعد لإعادتها مما سرق... و على مدى آجال التسديد ! 
● السؤال الثاني، موجه للإخوة في التيارية السياسية الإسلاموية: صحيح أن هذه التيارية كانت الوحيدة التي  بنت مركزا صحيا لهذه المجموعة، و بنت مدرسة لتلك المجموعة، و حفرت بئرا للمجموعة ثالثة، و قسمت أموالا طائلة  و أضاحي كثيرة  و اشترت أبقارا  و قطعانا من المعز و الضأن و وزعتها ... في طول البلاد و عرضها، خاصة في فصل الأمطار،  على رؤوس الأشهاد و بالألوان المبهجة و الصور المكبرة... هذا كله صحيح. و صحيح أيضا  أن هذا التيار بز على صعيد الأموال حزب السلطة و الدولة بمؤسساتها و قبائلها و أموالها و جميع الفاسدين و المفسدين فيها و على تخومها  في الحملات الانتخابية ... ف"أبطح"  تيار الإسلاموية الحكومة صاغرة، مع كل وسائلها، بالمال في كّرو و الطينطان و عرفات و توجنين ... و بصق على رأس الدولة  في انتخابات طلاب الجامعة، على مدى عقود،  بالمال   و توفير ما يمكن تخيله و ما لا يمكن تخيله من الوسائل اللوجستيكية و المعدات المعلوماتية و الخيم و الأطعمة الشهية و الأشربة اللذيذة  و آلاف مطويات  المنسوخات " الديداكتيكية"، و السترات المميزة،   و أرصدة المكالمات و منوعات الراحة أمام مكاتب التصويت الطلابية  في الجامعة و المعاهد و المراكز ، و تجاوز قدرات الدولة و كل الأحزاب في تمويل المهرجانات... فإذا كانت أحزاب السلطة تحتاج لأسابيع لتعبئة  عشرين مليون أوقية لتمويل نشاط تعبوي بالعاصمة، فإن تيار الإسلاموية لا يحتاج لأكثر من ساعة لتعبئة هذا المبلغ! ... و صحيح أن أفراد هذا التيار يمتطون مراكب و مركبات من آخر أطرزة السيارات، من أمريكا و آلمانيا و اليابان و كوريا الجنوبية  و فرنسا و إطاليا، ...  قبل أن يتمتع بها ملاك مصانع هذه السيارات، أنفسهم،  في بلدان المصدر ... و صحيح أن كبارء التيارية الإسلاموية   يتنقلون في الدرجات الأولى بأرقى شركات الطيران العالمي ، و ينزلون بفنادق الخمس نجوم في عواصم العرب و العجم و الروم ! 
هذا.. لا يشكك فيه إلا مرابي في الكذب. 
● لكن السؤال المعلق للأبد، من أين لتيار " الصحوات الإسلاموية" هذه الوسائل الباذخة المبهرة الطاغية  التي صنعوا بها "صنائع الخير و الإحسان" ، و أنفقوا منها، إنفاق من لا يخشى الفقر يوما، على الزواج مثنى و ثلاث و رباع ... و حجوا و اعتمروا منها  بعدد أشخاصهم، المرات إثر المرات ؟!
●،  قلت ربما حصلت لهم هذه الثروة المباركة   المذهلة بسبب حسن الأداء و طول الباع في السياسة، فتذكرت تيار الكادحين، الذي كان أسبق منهم ظهورا في الساحة، و أتقن أسلوبا في التغلغل في أروقة الدولة، و أغلبهم فقراء و فقراء مدقعون؟ فقلت ربما حصلت الثروة لصحوات الإسلاموية  بفضل ربيع العلاقة بين التيارية الإسلاموية و أنظمة الخليج العربي، لتحييد الخطاب القومي، قبل أن ينزل بهم غضب شيوخ الخليج، لاحقا، ... ثم قلت لماذا  البعثيون، قادة و أنصارا،  ، و قد كان من خلفهم نفط العراق و تاريخ العراق و حضارة العراق، كانوا خلف الكادحين في الدرك الأسفل من العوز و الاحتياج!  فقلت ربما تيار الإسلاموية بفضل مرجعيته الإسلامية منّ الله عليهم، دون غيرهم من المسلمين ،  بنعم المال و بذخ العيش ، فقلت و هل يوجد أنصح للإسلام و أخشى لله،و  أحب إليه من رسول الإسلام و السلام، محمد عليه أفضل الصلاة و أزكى السلام، و قد مات و درعه مرهونة عند يهودي، بسبب الفقر ؟!  فقلت لعلهم نالوها بالزهد في الدنيا و مباهجها، فتذكرت أن أصحاب محمد (ص) كانوا أعلى كعبا في التضحية من أجل الإسلام و أقل حظا في المال ... فمن بين أكثر من مائة و عشرين ألف صحابي، لا يتذكر أصحاب السير من الأغنياء فيهم إلا ابن عفان و ابن عوف !   ● فدعونا نقول مع كبراء الصحوات الإسلاموية إنهم بنوا هنا ، و أنفقوا هناك، و عالجوا هنا و هناك، و نقول معهم أيضا  إن  الحركات السياسية، في حقبة الازدهار عليهم،  كانت عاجزة عن تقديم  ثمن حبة باراستامول في أي مكان ... لكن ما مصدر التمويلات الطاغية بأيدي الإسلاموين، دون غيرهم، على مدى ثلاثة عقود،... هذا هو السؤال؟

محمد الكوري ولد العربي