حقوق الإنسا ن في موريتانيا بين الإ صلاحات القانونية والتحديات الميدانية

بواسطة yahya

حقوق الإنسان في موريتانيا بين الاصلاحات القانوية والتحديات الميدانية

تُعد حقوق الإنسان في موريتانيا جزءاً أساسياً من مسار الدولة نحو تعزيز دولة القانون وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة. فقد صادقت موريتانيا على عدد من الاتفاقيات الدولية والإقليمية التي تُلزمها بحماية كرامة الإنسان وصون حقوقه المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية. ورغم الجهود الحكومية والمجتمعية المبذولة في هذا المجال، لا تزال هناك تحديات كبيرة تتطلب عملاً متواصلاً، مثل مكافحة آثار الاسترقاق، وتعزيز العدالة الاجتماعية، وضمان المساواة بين الجنسين، والارتقاء بالخدمات الأساسية كالتعليم والصحة، وتوسيع الحريات العامة وحرية التعبير.
وتبرز منظمات المجتمع المدني كفاعل أساسي في نشر الوعي بالحقوق وترسيخ ثقافة المواطنة، إضافة إلى دور المؤسسات الرسمية كاللجنة الوطنية لحقوق الإنسان والآلية الوطنية للوقاية من التعذيب. وبين ما تحقق وما يُنتظر إنجازه، يبقى تعزيز حقوق الإنسان مساراً مستمراً يسعى إلى بناء مجتمع عادل تتكافأ فيه الفرص ويُصان فيه كرامة كل فرد.                                      
ولا تزال  تحديات  تواجه حقوق الإنسان في موريتانيا تذكر منها على سبيل المثال

1. مخلفات الاسترقاق والتمييز الاجتماعي
رغم تجريم العبودية قانوناً، ما تزال بعض آثارها الاجتماعية والاقتصادية قائمة، مما يؤثر على الاندماج الاجتماعي وحقوق الفئات الهشة.
2. الفقر وضعف الخدمات الأساسية
يشكل الفقر وانتشار البطالة وضعف الولوج إلى التعليم والصحة عقبة أساسية أمام التمتع الفعلي بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
3. العدالة والإنصاف القضائي
تعاني المنظومة القضائية من بطء الإجراءات، وضعف الموارد، ونقص الضمانات الكافية أحياناً للمحاكمة العادلة.
4. التفاوت بين الجنسين
تواجه النساء تحديات مرتبطة بالتمكين الاقتصادي، والعنف المبني على النوع، وضعف التمثيل في مواقع القرار، إضافة إلى استمرار بعض الممارسات التقليدية الضارة.
5. حرية التعبير والتنظيم
رغم وجود مساحة للحريات، إلا أن بعض القيود القانونية أو الإدارية والتضييق الإعلامي قد تؤثر على ممارسة حرية التعبير والتجمع.
6. حماية الأطفال
يعاني الأطفال في بعض المناطق من عمالة مبكرة، وتسرب مدرسي، وضعف الحماية من العنف الأسري والاستغلال.
7. ضعف الوعي بثقافة حقوق الإنسان
ما يزال انتشار الوعي القانوني وحقوق الإنسان محدوداً في بعض الأوساط، مما يؤثر على القدرة في المطالبة بالحقوق والدفاع عنها.
8. التحديات الأمنية ومكافحة التطرف
قد تؤدي الضغوط الأمنية أحياناً إلى التضييق على بعض الحقوق، ما يتطلب موازنة بين الأمن واحترام الحقوق الأساسية.

ختاماً، يمكن القول إن واقع حقوق الإنسان في موريتانيا يشهد تقدماً ملحوظاً في بعض المجالات، بفضل الإصلاحات القانونية والجهود الرسمية والمجتمعية، إلا أن الطريق ما يزال طويلاً أمام ترسيخ منظومة حقوقية متكاملة تحمي كرامة الإنسان دون تمييز. فالتحديات المرتبطة بمخلفات الاسترقاق، وضعف الخدمات الأساسية، وتعزيز الحريات، والتمكين الاقتصادي والاجتماعي للفئات الهشة، تتطلب عملاً مستمراً وتعاوناً وثيقاً بين الدولة ومنظمات المجتمع المدني والشركاء الدوليين. إن بناء مجتمع عادل يكفله الدستور وتضمنه المواثيق الدولية يظل هدفاً مشتركاً، ولا يتحقق إلا بتعزيز الوعي، وتحسين السياسات، وتفعيل القوانين على أرض الواقع، بما يضمن لكل مواطن حقه في العيش بكرامة وأمان.                       د/ابراهيم اعل سالم