من المسؤول عن وقاحة نتنياه؟

بواسطة yahya

من المسؤول عن وقاحة نتنياهو؟ 
                                      افتتاحية جريدة البعث في 16-8-2025
تجرؤ بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل بالإعلان عن إن دولته تعمل على إقامة إسرائيل الكبرى، والتي تقتطع أجزاء من مصر وسوريا ولبنان والعراق والأردن والسعودية، لم يكن ممكنا لولا مختلف اشكال الدعم الذي تمتع به: الدعم الأول والأخطر هو دعم الأنظمة العربية التي قبلت حتى تفاصيل خطة إسرائيل الكبرى، وإنكارها هذه الحقيقة الان تحصيل حاصل ، وهذا هو حال الأنظمة العربية فهي الداعم الأول لنتنياهو في دعوته لإسرائيل الكبرى لسبب بسيط هو أن قدراتها العسكرية والمالية وموقعها الجغرافي كفيل بإزالة إسرائيل من الخارطة في يوم واحد لو كانت هذه الأنظمة أنظمة وطنية. نعم الأنظمة العربية هي المسؤول الأول عما جرى ويجري. 
أما الدعم الثاني الذي جعل نتنياهو يفجر ما كان يستبطنه طوال عقود فهو التطابق التام بين الموقف الأمريكي والإسرائيلي فأمريكا التي تكرر الإعلان عن عدم موافقتها على إقامة دولة فلسطينية بقيت طوالة الفترة منذ 1967 تكرر بأنها ملتزمة بقرار 242 الصادر عن مجلس الأمن والذي يقوم على إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وغزة، ولكنها الآن ترفض بمستوى قوة رفض نتنياهو وبن غفير إقامة الدولة الفلسطينية. ولذلك فإنها تتحمل مسؤولية تاريخية عن كل الكوارث التي حلت بفلسطين وبالأمة العربية. 
أما الدعم الثالث فيأتي من بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي، فهذه الدول ورغم بيانات الاستنكار والإدانة لجرائم إسرائيل إلا أنها لم تتخطى حتى الآن حدود الكلام ، والكلام لا يردع نتنياهو وهو يعرف أن دول أوروبا وبريطانيا تعلنان ذلك لإبعاد الضغوط الشعبية عنها إضافة إلى عدم تحملها للمسؤولية القانونية من الناحية الشكلية عما يقوم به نتنياهو وزمرته الإجرامية. فقط تذكروا ان أوروبا وبريطانيا كانا الحليف الأول لأمريكا في حملاتها العسكرية وغزواتها للعراق وأفغانستان وغيرهما، فشاركت بالجيوش والتمويل والإعداد الإعلامي في تلك الغزوات الأمريكية التي أدت إلى كوارث ذهب ضحيتها عشرات الملايين من العرب والمسلمين، وما زلنا نعاني منها. 
وبريطانيا وأوروبا لم تنتظرا طويلا لإدانة العراق مثلا بل لفقوا الأكاذيب لكي يبرروا دعمهم لمخططات أمريكا في الغزو وتدمير العراق ، فإذا قارنا بين الموقف البريطاني والأوروبي الحالي تجاه غزة والقائم على التهديدات الباردة وهي التي لم تمنع السلاح الذي تصدره إلى إسرائيل ولم توقف التجارة معها، وهما عاملان جوهريان في الضغط على إسرائيل، وبين الموقف الأوروبي والبريطاني من غزو العراق وقبلها من شن العدوان في عام 1991 لأدركنا أن الاتحاد الأوروبي وبريطانيا شريكان جوهريان في الجريمة التي ترتكب الآن في غزة وقبلها في العراق وسوريا واليمن والسودان وليبيا، وفي زرع كل الفتن في الوطن العربي فلو وقفت أوربا وبريطانيا موقف المعارض بجدية لتلك الغزوات الأمريكية والإسرائيلية لما وصلت الأوضاع إلى هذا الحد. 
إن ما سبق حقائق وميدانية دخلت في ضمائر ليس العرب والمسلمين فقط بل إنها أصبحت قناعات الأغلبية الساحقة من مليارات العالم التي نراها منتفضة في أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية وبقية القارات تهتف لفلسطين وتدين نتنياهو وتطالب بردعه وتقديمه للمحاكم الدولية كي ينال عقابه هو والعصابة الإجرامية التي تقود إسرائيل. 
لنتذكر ذلك ولنكن حذرين من الفخاخ التي نصبت لنا كي نصدق الأنظمة العربية أو أكاذيب أمريكا والاتحاد الأوروبي، فهي مجرد عمليات تخدير لنا توفر المزيد من الفرص لإقامة إسرائيل الكبرى وإنهاء الكيانات الوطنية المعروفة لمصر وسوريا ولبنان واليمن والعراق والأردن والسودان والسعودية. 
صراعنا صراع وجود وليس صراع حدود مع كل من الإسرائيليتين الغربية والشرقية وبالتالي مع من يدعمها ، فلنتذكر ذلك دائما ولنكن في مستوى المسؤولية التاريخية التي تنتظر منها مقاومة شعبية شرسة بكافة أشكالها السلمية وغير السلمية.