القائد عبد الله قاسم:يكتب

بواسطة yahya

"اليوم تُغلق قناة الحرّة ومنصاتها بقرار من دونالد ترامب الذي أوقف تمويل الخدمات الإعلامية الأمريكية الموجّهة للخارج، لتُطوى صفحة واحدة من أبرز أدوات الاحتلال الناعم التي رافقت الغزو الأمريكي للعراق. أنا من جيل شكّلت لحظة سقوط بغداد أولى أزمات واقعه، وقد جاءت الحرة كامتداد سياسي وإعلامي لذلك الغزو، أُطلقت بعد أقل من عام من سقوط عاصمة الألم بغداد وبتمويل كامل من الحكومة الأمريكية، وتحديدًا من الوكالة الأميركية للإعلام العالمي (USAGM) التابعة مباشرة للكونغرس وتخدم أجندته. لم تكن الحرّة يومًا حرّة.. ما كانت وسيلة إعلام عادية، بل أداة من أدوات الحرب الناعمة، تسوّق لخطاب الاحتلال، وتعيد تشكيل وعي المنطقة بما يخدم أجندة واشنطن.

عملت الشبكة بكامل أذرعها على تبييض صورة الاحتلال الأمريكي في العراق، والترويج لنموذج ديمقراطي زائف، مجمّل بإدعاءات التحضّر، بينما واقعًا أتت لمهاجمة السرديات المقاومة (من سنة ومن شيعة)، واستثمرت في صناعة نخب إعلامية ع المقاس المسموح، تتحدث بلغة الحياد لكنها تنحاز بوضوح إلى المشروع الأمريكي. برز فيها صوت الخبير الأمريكي الأبيض يا للأسف، خبير بيحكي عربية و"بيفهمنا أكثر مما نفهم أنفسنا"، فيما كانت التغطيات تسلّط الضوء على الدكتاتوريات المحلية لتُخفي يد الغزاة، متجاهلة أن الطغاة كانوا دائمًا درب الغزاة.. والله إن الطغاة كانوا دائمًا درب الغزاة.

حتى اختيار اسم (الحرة) كان بحد ذاته رسالة تضليل، توحي بأن من دمّر العراق وأهان سيادته جاء ليحرّره. وفي الوقت الذي كانت فيه بعض وسائل الإعلام تكشف إرهاب الاحتلال وجرائمه، كانت (الحرة) الصوت المقابل، تروّج له وتُجمّله، وتشكّل الرأي العام على مقاس المصالح الأمريكية.

أشعر بالأسف لكل من خسر عمله مهنيًا بعد أن كان جزء من هذا المشروع الذي انتهى مع انتهاء المصلحة الأمريكية في توظيفه. ولمن أراد أن يفهم حجم الكارثة، فليراجع تقاريرها الأولى عن العراق، ويتابع تغطياتها في كل محطة عربية ملتهبة في كل بلادنا التي رافق فيها صوت الحُرة مع صوت الدبابة ووابل الرصاص.. راجعوا تقاريرها من بعد تسع شعور من سقوط بغداد وحتى قرار ترامب الأخير.

لم تكن الحرّة يومًا حرّة.. لم يكن لها من الحرية نصيب سوى اسم كاذب مختلق، تحميه دبابة وتروّج له بيادة وينادي به بيدق.. لم تُحسن شيئا طوال سنوات بثها سوى عزل صوت الخلفية.. زائفة ككل شيء تصدره أميركا للعالم. صحيح اليوم انتهى عمل ‎#الحرّة، بس يبدو أن هناك قنوات عربية هالمرة، وبتمويل عربي، وبلسان عربي فصيح.. باتت تحمل أجندة إعلامية أشدّ فجاجة، وأكثر تنافسية في ملاحقة المقاومة، وتبييض الإرهاب الغربي الأنيق القادم على ظهر طاغية أو ثورة".

@followers