كتب \ نصري حسين كساب
نظام ال الجحش سقط الى غير رجعة .
بالقلم العريض ، علويو سورية جماعة ريفية مع أقليات في مدن حمص واللاذقية وطرطوس، ويخطأ من يتوهم أن ما يحصل في جنوب سورية يتيح له أن يفتح ثغرة في ساحلها. فالتوقيت المريب لهجمات(الفلول) على مواقع وحواجز القوى العسكرية لسورية الجديدة في ريف مدينة اللاذقية، يؤشر، على الأقل، إلى أنه استجابة لأمر متزامن مع الخيارات التقسيمية التي بدأت تلوح في أكثر من مكان.
الأمر يتعدى خطأ تكتيكياً، فهو لعب بمصائر الأقليات قبل أن يكون تهديداً لوحدة سورية قلب العرب ،وجريمة اللاذقية المتسبب والمنفذ هم ايتام نظام ال الجحش ، ممن لم يبتلعوا بعد حقيقة أن نظام ال الجحش سقط إلى غير رجعة.
كان يغترض بقيادة سلطة سورية الجديدة ان يستدركوا خطورة توجه عشرات الالاف من جيش نظام ال الجحش الى اللاذقية وريفها ، وتحديدا الى مدينة جبلة ، هذا الجيش الذي اختفى بلحظة واحدة ما ان فر ابن انيسة الى موسكو .
المعلومات حتى الآن تأخذنا إلى أن من أخذ القرار بفتح النار في الساحل السوري لم يكترث إلى احتمالات المجزرة التي قد ترافقه. وما يضاعف من القلق حيال احتمال دور إيراني هو ألا أفق سياسيّ لهذه الخطوة سوى فتح احتمالات حرب أهلية على مصراعيها. فعودة نظام ال الجحش ليست ممكنة طبعاً، والمواجهة الأهلية لن تكون متكافئة بأي شكل من الأشكال،
من قرر أن ينتزع القاعدة البحرية في اللاذقية من جماعة الهيئة، يعرف أن بقاءه فيها لن يدوم، وهذا ما حصل فعلاً. فساعات قليلة واستُعيدت القاعدة من أيدي (الفلول)، إذاً الأمر ينطوي على مغامرة غير محسوبة، وثمة من لا يكترث للأثمان وللدماء طالما أنه خارج الحدود.
ظهرت الحنكة السياسية للشرع بعد إسقاط نظام ال الجحش ، فبصفته رئيسا لإدارة العمليات، بث رسائل طمأنة للجميع للداخل والخارج، بأن القيادة الجديدة لن تعمل على تصدير الثورة، وهدفها تصفير الخلافات، وإعادة سورية للحاضنة العربية، وبناء سورية جديدة تسع كل الأطياف دون إقصاء أي من مكونات الشعب السوري، وأن الهم سوف ينصرف للبناء دون الدخول في نزاعات، حتى مع الكيان الإسرائيلي. لم يقم الشرع في هذه المرحلة بالتمويه حول إمكانية توليه رئاسة سورية، ولم ير أنه بحاجة للتعمية على ذلك، استنادا إلى الشرعية الثورية، فهو قائد القوات التي حررت سورية من نظام ال الجحش .
بالعادة، يسعى من هو في مكان الشرع لإبراز الحرص على التعددية والاستيعاب بإنشاء حكومة تشمل كل الأطياف قائمة على التعددية السياسية، تفاديا لاتهامه بإعادة إنتاج حكم ال الجحش الديكتاتوري في هيئة أخرى، لكن الرجل لم يلتقم الطُعم، رغم الضغوط، فهو يدرك أن الأولوية للاستقرار، ولن يكون هناك استقرار في ظل وجود نزعات انفصالية، فلا بد من بناء مؤسسات الدولة أولا، لذلك قدّم العناصر الثقات الموالين له لضمان تسيير الأعمال، وصرح بوضوح أنه لا يمكن إجراء انتخابات إلا بعد ثلاث أو أربع سنوات، لأن سورية في حالة من الفوضى. قام بحل هيئة تحرير الشام، والتأكيد أنه لن يكون هناك وجود عسكري على الأراضي السورية سوى الجيش الوطني السوري. ارتكز خطاب الشرع على التأكيد على بناء سورية موحدة لا وجود فيها للفدراليات، والتأكيد أن سوريا لجميع السوريين.
قاعدة حميميم ليست بعيدة من موقع الاشتباكات، وهي من جهة تأوي عدداً من ضباط نظام ال الجحش ممن لجأوا إليها، ومن جهة أخرى تمثل الدولة التي تسعى الى علاقات غير متوترة مع النظام الجديد. وقد يكون من المبكر توقع الدور الروسي في هذا المشهد، لكن موسكو لطالما انتظرت حتى يكتمل المشهد لتحدد موقعها منه. و لن يكون فلاديمير بوتين إلى جانب المهزوم.
نظام ال الجحش سقط الى غيررجعة
