معلم الصبيان هاهو

بواسطة yahya

معلم الصبيان ها هو

لقد بذلت قصارى جهدي في خدمة وطني، ولا أشعر بأي ندم على ما قدمته. بل إنني مستعد للمزيد من التضحية، فداءً لوطني الواحد، شعبي الواحد، علمي الواحد، نشيدي الواحد، ولوحدة بلدي التي أؤمن بها إيمانًا لا يتزعزع.

لقد كنت أُلقب بالمناضل الشرس، والبطل الشجاع، يوم كنت مدافعا منافحا عن المشروع الجامع، وخسرت وظيفتي في سبيل ذلك، لا طمعا في منصب، بل إيمانا بالتغيير، وقناعة صادقة بالمبدأ.

واليوم، حين أعلنت أن النضال لا يعني السباب، ولا الشتائم، ولا الانحدار الأخلاقي، وجدت نفسي في مرمى الانتقادات، حتى من بعض القيادات، تارة بالتلميح، وتارة بالتصريح. كل ذلك لأنني أعلنت أن السلم منهج، وأن الخطاب الجامع هو الطريق. غير أن البعض يرى أن الوفاء للمشروع يقتضي مسايرة الخطاب الخشن، والنيل من مكون البيظان الكريم، وتأكيد العبودية فيهم، وتجاهلها في غيرهم، وهذا خلل بين، لا ينتج عدلا ولا يحقق مشروعا وطنيا حقيقيا.

تمت إزالتي من المجموعة، بينما تُرك خصومي يشنون ضدي حملة شرسة، وحين تمت إعادتي بعد "تبراد لخلاك"، التزمت الصمت حفاظا على السلم. لكنني حين وجدت الأغلبية، بمن فيهم بعض القادة، يهاجمونني مرة أخرى، سجلت مقطعا محترما لا يتجاوز أربع دقائق، أوضحت فيه موقفي، فتمت إزالتي من جديد.

كنت أُعرف بالكاتب المفوه والخطيب، وها أنا اليوم أُواجه بأسوأ العبارات من بعض من كنت أعدهم إخوة في المشروع.

إن بيننا – للأسف – من يهدف إلى زعزعة وحدة البلاد، ومن يحترف سب كل من يخالفه في الرأي. وقد أصبح الشاتم والسباب هو من يُفسح له المجال ليتصدر الصفوف الأولى، بينما تقصى النخبة الصادقة التي تؤمن بالحوار والاحترام.

لقد سبق أن نبهت لهذا، ونقل لي ثقات ممن سبقوني أن الوضع يسير في هذا الاتجاه، ومع ذلك بقيت شامخا، مدافعا عن المشروع، ومؤمنا برؤيته المستقبلية.

لكنني أتساءل: ماذا سأقول غدا إذا تحدثت عن هذا المشروع؟ وماذا سيقال لي؟

قد يُقال: لو كان فيهم خير، لما هاجموك وأقصوك... رغم أنك لم تزل متمسكا بالمبادئ، وبالخطاب السلمي الجامع.

إن استمر هذا الوضع، فإنني أرى أنه بعد عامين فقط، لن يبقى في المشروع إلا صاحب الفكرة وقلة قليلة من المخلصين. وهذه حقيقة مؤلمة.

لذا، أنصح القادة – أو من بقي منهم محايدا حتى الآن – أن يعيدوا النظر، وأن يوجهوا رسائل واضحة وصريحة للمسيئين وأعداء المشروع، الذي لا يزال، في نظرنا، ملاذا للمظلومين والمحرومين، ومشروعا لكل الموريتانيين، دون تمييز.

لن يكون المشروع جامعا حقيقيا ما لم تكن النخبة في قيادته، توجه وتؤطر، وتبتعد عن الانحياز العرقي أو الجهوي أو القبلي.

أخيرا تعليم الصبيان فخر واعتزاز.

المعلوم بلال