الشعوبية والواقعية في الدولة الدمقراطية

بواسطة yahya

الشعوبية والواقعية في الدولة الديمقراطية/أحمد حبيب صو 
اليوم موريتانيا امام وضع سياسي يتسم بالهدوء وهذا ناتج عن قبول الطبقة السياسية وخاصة المعارضة الراديكالية وهناك شبه اجماع علي حكمة رئيس الجمهورية محمد الشيخ الغزواني  ومشروعه البنيوي لموريتانيا .
للاسف واجه فخامة الرئيس واقعا يطرح اسئلة ملحة واكراهات وامر واقع من قبيل هل كل من مارس السياسة يعتبر وطنياً ؟ ومؤهلاً لتولي منصب لصيق به؟ هل بِتنا نعيش في زمن تنحدر فيه كل الثوابت الوطنية ؟ فهل انتهت مرحلة تحويل الاستراتجيات الوطنية الى واقع ملموس ؟ وكيف تحول العمل السياسي القائم على التنظيم والوعي والإدراك والبصيرة الى حماسة وطياشة وانفعال وجباية ؟ هل بِتنا حقاً في ازمة سياسية!؟ فالعمل السياسي له شخصياته المؤثرة والتي لها مكانتها واحترامها سياسياً واجتماعياً لما تنصف به من مميزات قائمة على الصدق والاخلاص والوفاء والولاء والانتماء والوعي والادراك والفهم ؟ هذه اسئلة كانت تطرح و وسيلة صغط ولكن البنيوية واعادة البناء علي اسس الشرف والاخاء والعدل تتطلب الصبر والبصيرة لتحقيق نتائج بعيد المدى في ظل محيط متأزم.
كلنا يعرف ان هناك الكثير من الرجالات السياسية وعلى مدار سنوات طويلة تعاقبوا على العديد من المواقع الرسمية في العديد من الحكومات المتعاقبة دون ان يحققوا اي شيء ملموس بل أثروا سلباً على اداء الحكومة حتى اصبحوا يعيقون الانجاز  ومازالوا بالاضافة لمهارتهم بالتنظير الاعلامي عبر الوسائل المختلفة وليس تواجدهم بمناصبهم سوى ارضاءات ومحسوبيات ومصالح مشتركة  أثرت علي برنامج الرئيس الحالي ولسان حالهم يقول لا وجود لموجود سوانا!
في ظل ذلك كان يجب ان نتحاور كنخبة تريد صالح الوطن تحت اسس الشرف والاخاء والعدل والانتماء فقط للنحن أي الموريتانية الجامعة المتصالحة مع نفسها.
للاسف مازال التيار الشعوبي حاضرا في ظل المواطن لم يعد يلمس أيّ شيء على ارض الواقع سوى التنظير السياسي الاعلامي والوعود  وما كل تلك الحراكات والاعتصامات والمسيرات الاّ دليل عجز لتلك الحكومات عن تحقيق ادنى المطالب الشعبية فهل فعلاً تمت محاربة الفساد؟ وهل تحقق الاصلاح المنشود؟ وهل تحققت العدالة الاجتماعية ونحن نشهد كثيراً من الظواهر السلبية في التعيينات.
في ظل هذا المد برزت شعوبية النائب عن حزب الصواب بيرام الداه اعبيد الذي حمل أيديولوجية سياسية تؤكد على أن المجتمع مقسم بين "الشعب النقي" والنخبة الفاسدة التي تهيمن على النظام في كله او في الجناح المظلم كما يسميه النائب بيرام الداه اعبيد؛  ولكن النظام الحالي قام بحل الكثير من تلك المشاكل عن طريق تآزر واخواتها ولكي لايسحب البساط سياسيا منه كان يستغل مشاعر الغضب، الخوف، أو الإحباط لدى الجماهير، بدلًا من الاعتماد على الحجج المنطقية أو البيانات الاقتصادية مما يدخله في تناقضات ولكن انا مع أن اي حوار بدون تيار  بيرام الداه اعبيد الذي يمثل الفقر والتهميش والمساواة وجماهيره التي نجحت في استحفاقات رئاسية ان تكون ثانية وان تنتزع زعامة العاصمة الاقتصادية نواذيبو .ولكن عدم دخوله الحوار ايضا يحطم الديمقراطية المساواة التي يدعوا اليها فالدولة تحت قيادة الرئيس محمد الشيخ الغزواني و ذراعه السياسي المتمثل في حزب الانصاف حمل  الدولة بمنظور واقعي، يركز على الحقائق القائمة والتحديات العملية.  لأن السياسة هي فن الممكن، وأن الحلول يجب أن تكون مبنية على البيانات، الخبرة، والموازنات الدقيقة بين المصالح المختلفة تعتمد على التفكير العقلاني والعملي في حل المشاكل، والابتعاد عن الشعارات الرنانة والوعود غير القابلة للتحقيق.
وهذا لأن الحلول غالبًا ما تأتي من خلال التوافق والمساومة بين الأطراف المختلفة، وليس من خلال فرض إرادة طرف واحد مع الاعتراف بأن المشاكل المجتمعية معقدة، وتتطلب حلولًا متعددة الأبعاد تأخذ في الاعتبار الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وكل ذالك بإحترام القواعد المؤسسية للديمقراطية، والإيمان بأن المؤسسات الحكومية والمدنية هي أساس الاستقرار.
فعندما تهيمن الشعوبية بشكل كامل، يمكن أن تؤدي إلى تفكك المؤسسات، تآكل سيادة القانون، وتزايد الاستقطاب المجتمعي. وعندما تهيمن الواقعية بشكل كامل، يمكن أن تؤدي إلى الجمود السياسي، وفقدان الثقة بين المواطنين والحكومة، مما يفتح الباب أمام صعود الحركات الشعبوية.

لذلك، يكمن التحدي في الديمقراطيات الحديثة في كيفية إيجاد قادة يجمعون بين القدرة على فهم المشاعر الشعبية والتفاعل معها (الشعوبية)، وبين الالتزام بالعمل الواقعي والمسؤول (الواقعية)خاصة واننا اصبحنا نلمس ان هناك شراكات سياسية بين الاقوياء اصبحت تعمل لتحقيق المكتسبات الشخصية الخاصة بها بدلاً من تحقيق المصلحة العليا للوطن .

واصبحنا نجد ونلمس ان هناك شراكات سياسية خارج الحلقة السياسية التنفيذية اصبحت تأخذ شكلاً من اشكال المعارضة لتحقيق مصالحهم لا مصلحة الوطن والمواطن اخذوا من الاعلام بانواعه واشكاله عنواناً لتصريحاتهم وتنظيرهم بالتحليل والتعرية بدلاً من ان يكونوا الناصحين والموجهين بحكم خبراتهم السياسية .

نحن بحاجة ماسة لمراجعة شاملة لتقييم اداء الحكومات عبر مراحل مسيرتها كذلك تقييم اداء كل رجل سياسي في منصبه وبيان قدرته على تحمل المسؤوليات وتقييم كفاءته وادائه وليس على مبدأ المحسوبيات والارضاءات والمصالح المشتركة فموريتانيا تستحق منا الكثير فإن لم نبنها فمن يبنيها لنا؟
إن لم نبنها فمن سيبنيها لنا ؟ 
أحمد حبيب صو إطار بوزارة العدل بأنواذيبو.