انتبهوا للإشارة الحمراء.. !!
عندما اندلعت حرب الصحراء الغربية ، أتذكر ، و أنا طفل في الابتدائية، أحاديث الناس عن هذا الرجل أو ذاك الرجل من رجال قبيلة ارقيبات الذين اقتادهم رجال الدرك للتحقيق معهم ... و توالى الحديث عن التحقيقات مع أي مشتبه به من قبائل الشمال العربية؛ و لم يقل أحد يومئذ إن تلك التحقيقات كانت استهدافا عنصريا للبيظان، بالرغم أن أغلب رجال الدرك و المحققين كانوا من مكونة اتكارير، يومذاك، و إنما كانت تلك العملية مفهومة على أساس واقع التواصل و التداخل الاجتماعي بين قبائل موريتانيا ( البيظان) في شمال البلاد و بين قبائل الشعب العربي الصحراوي. كانت التحقيقات مع المشتبه بهم تستمر لأكثر من أيام، و ليس أربع و عشرين ساعة فقط... و كان الأمر عاديا في منطق الدولة التي تلاحق المتسللين من الشباب العربي من الصحراء الغربية مستفيدين من وجود بني عمومة لهم مواطنين موريتانيين، و مغتنمين مزية التكلم بالحسانية تماما كا يتكلمها البيظان، من مدينة لعيون في الصحراء الفربية حتى البيظان في فصاله بأقصى الشرق الموريتاني. اليوم، تتعرض موريتانيا لحرب ناعمة لكنها أشد شراسة ، تتمثل في طوفان المهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء لأنها تهدف، على نحو مخطط ، إلى احتلال البلاد من دون حرب ... و كما كان بعض منتسبي القبائل العربية الموريتانية ، في ذلك التاريخ، إبان حرب الصحراء، يتكتمون على اندساس و تسلل (عيون) البوليساريو من البيظان في هذه القبائل، و كما كانت القوة الأمنية العمومية تتتبع أي حركة و تلاحق بعيونها و تحقيقاتها كل الوافدين من البيظان ، في شمال البلاد، الذين لا يملكون وثائق تثبت وطنيتهم فتحقق معهم ، و تطلق سراح الأبرياء منهم و تعتقل المشبوهين، فإن القوة العموية مطالبة، اليوم في مواجهة حرب الهجرة، بتركيز جهودها المادية و البشرية و التقنية على الحدود الجنوبية و الشرقية للبلاد، لأن خطر الهجرة السرية آت من جيراننا و من جيران جيراننا جنوب الصحراء و الساحل. إنه من الطبيعي و من المتوقع تماما أن يتسلل و يندس المهاجرون السريون داخل امتدادهم الاجتماعي و القبلي من سكان البلاد الجنوبيين، مستفيدين من ميزة وحدة الانتماء القومي و لون البشرة و التحدث بذات اللسان و التشابه في مدونة أسماء الأفراد و أسماء الأسر... مثلما فعلتها القبائل العربية الموريتانية أثناء حرب الصحراء. هناك أمران لم يحدثا، إذ ذاك، أثناء تركيز القوة الأمنية على المتسللين إلى القبائل الموريتانية من قبائل عرب الصحراء الغربية: الأمر الأول أنه لم يتهم أحد رجال الدرك من اتكارير يومئذ بالعنصرية و لا باستهداف المكونة العربية( البيظان .. أو البيظ) . الأمر الثاني أن أي أحد، من القبائل الموريتانية، لم يكن يسعى لتجنيس المتسللين و المندسين من الصحراويين، و إنما كان اهتمامه ينصب على التكتم على المندسين حتى يعودوا بسلام إلى أهلهم. و بخلاف ذلك، فإن جوقة العنصريين من مكونة اتكارير خاصة و المتزنجين من لحراطين المتحالفين معهم يسعون لتحويل موريتانيا إلى أرض بلا شعب ، بهدف جعلها وطنا لآلاف المهاجرين غير الشرعيين ، الفارين من أوطانهم بسبب ظروفهم الاقتصادية القاسية و من حجيم الحروب الأهلية في مالي و بوركينافاسو ، و دول إفريقية أخرى تعيش أوضاع التطهير العرقي. إن قارعي طبول الحرب العرقية، في سعيهم لفرض أجندتهم السياسية و العنصرية، يرفعون شعار اللونية( السود الموريتانيين) الذي هو الرابطة الوحيدة التي تجمعهم بلحراطين المتزنجين و يكتتبون أنصارهم من الأميين و السذج على لون البشرة ... بينما يعرف المواطنون، غير المغرضين و لا المتورطين بالعنصرية اللونية ، من مكونة الفلان الموريتانيين، و من السونونكى و الولف أنه لم يتعرض أي منهم للمضايقة، و أن توقيف فرد، اشتبه فيه، على ذمة التحقيق معه لمدة (24) ساعة هو أمر اعتيادي و طبيعي، و لا يستدعي حجم الصراخ المفتعل، و الذي لا يخيف أحدا! بقي أربعة أمور من الضرورة استيعابها من قبل طبالي العنصرية:
١- أن تسوية أوضاع المهاجرين غير القانونيين ليست عملا فرديا منعزلا ، كلا و لا نزعة إشباع لمزاج شخص، و إنما هبة شعب مذعور بكل مكوناته الوطنية، و كانت الحكومة آخر المتيقظين على هذا الخطر... و الواجب الوطني لحماية الشعب و استقرار البلاد مواصلة العملية حتى يتميز المواطنون من الأجانب، و إبقاء العيون ساهرة ، دون هوادة في هذا الموضوع؛
٢- الأمر الثاني أن الشعب الموريتاني بكل مكوناته و بمؤسساته الأمنية و العسكرية هو من حمى و يحمي و سيحمي وطنه..
٣- الأمر الثالث أن الانتساب لأسرة ، من عدمه، أصبح التأكد منه مسألة ساعة من خلال تحليل الحامض النووي، فلا داعي للصراخ ؛
٤- الأمر الرابع أن الشهيد الرئيس البطل صدام حسين لم يكن الحامي لموريتانيا ... لكن من حمى موريتانيا، بعد الله، و سيحميها شعبها و قواتها الأمنية و العسكرية.
نعم.. صدام حسين رحمه الله منع تحالف فرنسا و افلام و السينغال من إعلان الحرب على موريتانيا 1989، من خلال خلق بيئة لتوازن القوة و الرعب بين الجيش الوطني من جهة، و الجيش السينغالي و مسلحي افلام، من جهة أخرى... فكفى الله بلطفه و بتدخل عراق صدام حسين المؤمنين من الشعبين الشقيقين نشوب الحرب... لكن ذلك العمل على جلاله و بالغ أثره التاريخي ، لا يعني أن موريتانيا بعد صدام حسين باتت شاة بفيفاء، كما يتوهم المتآمرون.. فانتبهوا للإشارة الحمراء !!
محمدالكوري ولدابعربي